الأول: أن يكونوا أرادوا التقليد المحض، واستحسنوا تلك الأفعال الظاهرة مع قطع النظر عن المقصود منها وما فائدتها.
والاحتمال الثاني: أن يكونوا أرادوا: اجعل لنا جمادًا يكون رمزًا لله عزَّ وجلَّ فنعظِّمه تعظيمًا لله عزَّ وجلَّ كما يعظِّم هؤلاء أصنامهم على أنها رموز للروحانيِّين، وقد يُشعر بهذا قولهم:{اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}، ولم يقولوا: اجعل لنا آلهة كما لهم آلهة، كأنهم قد علموا أن العبادة لا تكون إلا لله عز وجل، ولكن توهموا أن عبادة جماد من الجمادات على أنه رمز لله عز وجل وأنه إنما يعظم تعظيمًا لله عز وجل لا ينافي التوحيد.
وقد تقدم (١) حديث الإمام أحمد وغيره، وفيه: فمررنا بسدرة، فقلت: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط، كان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ويعكفون حولها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الله أكبر! هذا كما قالت بنو [٣٦٢] إسرائيل لموسى اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة". فلم يعتقد هذا القائل في السدرة شيئًا، ولكنه على أحد الاحتمالين السابقين، والله أعلم.
العرب
قد تقدَّم ما يتعلق بعبادتهم الأصنام عند سياق الآيات في ذلك، وفي المقدمة الثانية للكلام على آيات النجم. وعُلِم من ذلك أنهم إنما كانوا يعبدون الأصنام على أنها تماثيل للإناث الخياليات، أعني ما زعموه أنَّ لله بناتٍ وأنهنَّ هنَّ الملائكة، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.