للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولهم لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}.

وعلى هذا المعنى الثاني فالمعنى في قولهم في العجل: {هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ} [طه: ٨٨]: فنسي موسى أن يتخذه لكم لمَّا طلبتم منه ذلك بقولكم: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا}. وقولهم: {إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى} ربما يؤيد الثاني؛ إذ لم يقولوا: ربكم ورب موسى. وكذا قول هارون في نصحهم: {وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ} يأبى احتمال اعتقادهم الحلول؛ إذ لو اعتقدوه لما كان في ذلك ردٌّ عليهم؛ لأنهم يقولون: نعم، ربنا الرحمن، وهو حلَّ في هذا العجل. وكذلك قول موسى في توبيخهم: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ} فإنه قصر للألوهية على الله تعالى، أي: إن إلهكم الله لا غيره، فتدبَّرْ وتأمَّلْ.

[الأناسي الأحياء وأرواح الموتى]

قد تقدَّم الكلام على قوم نوح وأنهم كانوا يعبدون تماثيل أولئك الأشخاص الصالحين وأرواحهم، ولعلهم كانوا يعتقدون في أرواحهم قريبًا مما يعتقده عُبَّاد الملائكة في الملائكة على ما يأتي تفصيله إن شاء الله تعالى. ولكن استبعاد قوم نوح أن يكون البشر رسلًا، وقولهم: {مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً} [المؤمنون: ٢٤]. يدلُّ على أنَّ القوم لم يكونوا يرفعون أرواح الموتى إلى درجة الملائكة. وعلى كل حال فالظاهر أنهم كانوا يزعمون أنَّ أولئك الموتى يشفعون لمن يعبدهم، أو أنَّ الله عزَّ وجلَّ يثيب مَنْ يعبد أولئك الموتى لما كانوا عليه من الصلاح، والله أعلم.