للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (١٩) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢١) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (٢٢) قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (٢٥) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٢٦) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (٢٧) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (٢٨) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ [٤٣٩] إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} [الشعراء: ١٦ - ٢٩].

فَهِم كثير من الناس من هذه الآيات أن فرعون ادَّعى أنه ربُّ العالم، وهذا غلطٌ حتمًا؛ فإن قوله: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}، وقوله: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} إنما خاطب به قومه، وقوله: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} خطابٌ لموسى، وهو يراه من رعيَّته، ولم يُرِد بقوله: {رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} أنه قديمٌ واجب الوجود.

وقال الشهرستانيُّ في الملل والنحل: «ويشبه أن يكون دعوى اللعينَيْن نمروذ وفرعون أنهما إلهان أرضيَّان كالآلهة السماويَّة الروحانيَّة، دعوى الإلهيَّة من حيث الأمر ــ يريد استحقاق العبادة ــ لا من حيث الفعل والخلق، وإلَّا ففي زمان كلِّ واحدٍ منهما مَن هو أكبر سنًّا منه وأقدمُ في الوجود عليه» (١).

ولم يجئ في كلام فرعون ما يدلُّ على زعمه أنه يعلم الغيب, أو يخلق أو يرزق, أو يحيي أو يميت, أو له قدرةٌ غير عاديَّةٍ, فضلًا عن أن يدَّعِي أنه


(١) ٢/ ١٣٠. [المؤلف]