للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيهم يستدعي بعض البسط، فأقول: إن القوم كانت قد بلغتهم أصل دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام فلم يزالوا يعرفون أن إبراهيم رسولُ الله وأنه جاء بشريعة من عند الله, وكانوا يدَّعون أنهم على دينه.

ذكر ابن إسحاق اجتماع زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل ورجلين آخرين ونجواهم, قال: "فقال بعضهم لبعض: تَعَلَّموا والله ما قومكم على شيءٍ، لقد أخطؤوا دين أبيهم إبراهيم ... يا قوم التمسوا لأنفسكم فإنكم والله ما أنتم على شيء، فتفرَّقوا في البلدان يلتمسون الحنيفية دين إبراهيم ... وأما زيد بن عمرو بن نفيل فوقف فلم يدخل في يهودية ولا نصرانية وفارق دين قومه، فاعتزل الأوثان والميتة والدم والذبائح التي تذبح على الأوثان، ونهى عن قتل الموءودة، وقال: أعبد رب إبراهيم، وبادى قومَه بعيب ما هم عليه.

قال ابن إسحاق: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن أمه أسماء بنت أبي بكرٍ رضي الله عنهما قالت: لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيلٍ شيخًا كبيرًا [ز ١٧] يسند ظهره إلى الكعبة وهو يقول: "يا معشر قريشٍ، والذي نفس زيد بيده ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيري ثم يقول: "اللهم لو أعلم أي الوجوه أحب إليك عبدتك به، ولكن لا أعلمه"، ثم يسجد على راحته. ثم قال: وحُدِّثت عن بعض أهل زيد بن عمرو بن نفيل أن زيدًا كان إذا استقبل الكعبة داخل المسجد قال: "لبيك حقًّا حقًّا تعبُّدًا ورقًّا"

عُذتُ بما عاذ به إبراهمُ ... مستقبلَ الكعبة وهو قائمُ

إذ قال:

أَنْفِي لك اللهم عانٍ راغمُ ... مهما تُجَشِّمْنِي فإني جاشِمُ