للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى أن قال: ثم خرج يطلب دين إبراهيم عليه السلام ويسأل الرهبان والأحبار حتى بلغ الموصل والجزيرة كلها، ثم أقبل فجال الشام كلها حتى انتهى إلى راهب بميفعةٍ (١) من أرض البلقاء كان ينتهي إليه علم النصرانية فيما يزعمون, فسأله عن الحنيفية دين إبراهيم، فقال: إنك لتطلب دينًا ما أنت بواجِدٍ مَنْ يحملك عليه اليوم، ولكن قد أظلَّ زمان نبيٍّ يخرج من بلادك (٢).

أقول: وأثر أسماء بنت أبي بكر أخرجه البخاري في صحيحه. وأخرج عن ابن عمر قصة زيد في مساءلته لعلماء اليهود والنصارى، وذكر ابن عمر أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بَلْدَحَ (٣) قبل أن ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - الوحي فقُدِّمت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - سُفرة فأبى أن يأكل منها، ثم قال زيد: "إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم ولا آكل إلا مما ذكر اسم الله عليه" (٤).

وذكر في الفتح شاهدًا لقصة السُّفرة من حديث سعيد بن زيدٍ وفيه: فمرَّ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وزيد بن حارثة وهما يأكلان من سُفرة لهما فَدَعَيَاهُ فقال: "يا ابن أخي لا آكل مما ذُبِحَ على النُّصب، قال: فما رُئِيَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يأكل مما ذُبِح على النصب من يومه ذلك" (٥). أقول: وهذا الحديث في مسند أحمد (٦).


(١) أي: بمرتفعٍ.
(٢) راجع سيرة ابن هشام، ذكر ورقة بن نوفلٍ إلخ، ١/ ٢٢٢ - ٢٣١. [المؤلف]
(٣) بَلدَح: وادٍ قبل مكة من جهة المغرب. معجم البلدان ١/ ٤٨٠.
(٤) صحيح البخاريِّ، كتاب المناقب [وفي السلطانيَّة: كتاب مناقب الأنصار]، باب حديث زيد بن عمرو بن نفيلٍ، ٥/ ٤٠، ح ٣٨٢٦. [المؤلف]
(٥) فتح الباري ٧/ ٩٨.
(٦) ١/ ١٨٩. [المؤلف]