للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (٥٣) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الحج: ٥٢ - ٥٤] (١) يُعلم من تلك الآثار أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان لحرصه على هدى قومه يحرص على عدم تنفيرهم، فلما قرأ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} ألقى الشيطان: "تلك الغرانيق العلى، وإنَّ شفاعتهن لترتجى" ونحو ذلك، وقد ردّ أكثر العلماء هذه القصة (٢)، وقبِلها بعضهم (٣).

ومما نُقل عن أهل العلم فيها قولُ بعضهم: كان هذا من القرآن، مرادًا بالغرانيق الملائكة، فألقى الشيطان في نفوس المشركين [٣١٦] أن يزعموا أنَّ المراد بذلك أصنامهم, فنسخه الله تعالى (٤).


(١) منها ما رُوِي عن ابن عبَّاسٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وأبي العالية، والضحَّاك، ومحمَّد بن كعبٍ. انظر: تفسير الطبري ١٦/ ٦٠٣ - ٦٠٨، تفسير ابن كثير ٥/ ٤٣٩ - ٤٤٠، الدرّ المنثور ٦/ ٦٥ - ٦٩.
(٢) قال ابن الجوزي: "قال العلماء المحقِّقون: وهذا لا يصحُّ". زاد المسير ٥/ ٤٤١. وقال القرطبيُّ: "وليس منها شيءٌ يصحُّ". تفسيره ١٤/ ٤٢٤. وقال ابن كثيرٍ: "ولكنها من طرقٍ كلُّها مرسلةٌ، ولم أرها مسندةً من وجهٍ صحيحٍ". تفسيره ٥/ ٤٣٨. وللشيخ الألباني رسالةٌ في تضعيفها، أسماها: "نصب المجانيق لنسف قصَّة الغرانيق".
(٣) قال ابن حجرٍ: "لكن كثرة الطرق تدلُّ على أنَّ للقصَّة أصلًا". فتح الباري ٨/ ٤٣٩.
(٤) انظر: الشفا ٢/ ١٣١، المواقف ٣/ ٤٤٣.