للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: فإذا لم يَدَّعِ الرجل أن له أن يقول في دين الله بغير حجة، ولكنه ذكر شبهة لا تصلح دليلًا؟

قلت: هذا معذور حتى تقام عليه الحجة أن ما تمسَّك به لا يصلح دليلًا، فإن أصرّ بعد ما قامت عليه الحجة نظرنا، فإذا كانت شبهته قوية في الجملة بحيث يجوز ألَّا يتبيَّن له بطلانها فهو معذور، وإلَّا فلا.

فصل

فإن قلت: إذا كان التدين بشيء لا دليل عليه أو عليه دليل باطل شركًا فالبدع في الدين كلها شرك.

قلت: كل بدعة كانت تديُّنًا بما لا دليل عليه أو عليه دليل باطل ــ والبدع كلها هكذا على التفسير الصحيح ــ فإنا نقول فيها: إذا قامت الحجة على صاحبها بأن ذلك قولٌ لا دليل عليه أصلًا أو على بطلان ما يزعم أنه دليل, وبأن التدين بما ليس عليه من الله تعالى سلطان عبادة لغيره وهي شرك، إذا قامت الحجة عليه بذلك وأصرّ على التدين بتلك البدعة فهي شرك وهو مشرك، وإلا فإنا لا نطلق عليها أنها شرك بدون التفصيل، ولا يكون صاحبها ما لم تقم عليه الحجة مشركًا بل ولا مبتدعًا، بل قد يكون من خيار المسلمين وأئمتهم وأوليائهم [٦١١] ويكون مأجورًا على ذلك القول الذي نسميه نحن بدعةً (١).


(١) فصَّل المؤلِّف هذه الجزئيَّة في موضعٍ آخر، فقال: إن ذلك «خاصٌّ بما إذا كان عالمًا قامت عنده شبهةٌ قويَّةٌ حملته على أن تلك البدعة سنَّةٌ وقد بذل وسعه في البحث ... وأما الجاهل فإنما يمكن أن يكون مأجورًا على البدعة إذا كان قلَّد فيها مَن يعتقد فيه العلم ... » انظر: ص ٨٩٨.