نعم، مَن حملته هذه الكراهة على مشاقَّة الرسول في حياته صلَّى الله عليه وآله وسلَّم والامتناع منه بالفرار أو بالقوَّة، بحيث لو بعث إليه النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مَن يستوفي منه الحقَّ لقاتلهم، فالذي يظهر أنَّ ذلك ينافي الإيمان، ولكن هذا خاصٌّ بحكم النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم في حياته، فأما بعد وفاته فإنما يكفر مَن ثبت عنده حكم النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فزعم أنَّ الحقَّ خلافه، والله أعلم].
فصل
[ز ٣٣] وهاهنا اعتراضان، أحدهما: أن يقال قد قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}[النساء: ٤٨] في آيات أخرى تقدمت في أوائل الرسالة (١)، فكيف التوفيق بينها وبين ما ذُكِرَ هنا من الأعذار؟
والجواب: أنه إذا قام الدليل على العذر في بعض الصور فالتوفيق سهل بحمد الله تبارك وتعالى بأحد وجهين:
الأوَّل: أن يقال في تلك الصور: إنها ليست بشرك ولا كفر، ثم نطلب للشرك والكفر تعريفًا لا يتناول تلك الصور وما في معناها، فإن كان هناك تعريف مشهور نظرنا فيه، فإما أن نبيِّن أنه لا يتناول تلك الصور، وإما أن نزيد فيه قيدًا أو أكثر لإخراج تلك الصور التي قام الدليل على العذر فيها. فإذا قيل: الشرك اتِّخاذ إلهٍ من دون الله أو عبادة غير الله، فإما أن نبيِّن معنى الإله والعبادة بألَّا يشمل تلك الصور، وإما أن نقول: لا بدَّ من زيادة قيدٍ، كأن يُقال