للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النفس بمعونة تقليدٍ أو عادةٍ أو استدلالٍ ناقصٍ، وغالبُ عقائد الفلاسفة من هذا الثاني.

وأما ما لم ينزل الله تعالى به سلطانًا فهو عبادةٌ لغيره، وإن كان في الصورة له سبحانه؛ لأن التديُّنَ به ــ ولم ينزل الله به سلطانًا ــ طاعةٌ لمن شرعه، والطاعة في شرع الدين عبادةٌ للمطاع إذا لم ينزل الله عزَّ وجلَّ سلطانًا بطاعته، وكذلك إذا كان التعظيم في الصورة لغيره تعالى والنفع مطلوبٌ منه عزَّ وجلَّ، كمَن يعظِّم صنمًا يزعمه رمزًا لله تعالى ويطلب بتعظيمه ثواب الله عزَّ وجلَّ، وذلك أنه مع كونه تديُّنًا بطاعة مَن شَرَعَه فهو تديُّنٌ بتعظيم غير الله تعالى بغير إذنه.

[٤٨٠ ب] وتحرير العبارة في تعريف العبادة أن يُقال: «خضوعٌ اختياريٌّ يُطْلَب به نفعٌ غيبيٌّ».

فقوله: (خضوعٌ) يتناول ما كان بالطاعة وما كان بالتعظيم.

وقوله: (اختياريٌّ) يخرج به المكره ونحوه, على ما يأتي تفصيله في الأعذار إن شاء الله تعالى (١).

وقوله: (يُطْلَب به) أي: مِن شأنه ذلك، فيدخل ما يكون الخاضع طالبًا بالفعل، بأن يكون له اعتقادٌ أو ظنٌّ أو احتمالٌ أن ذلك الخضوع سببٌ لنفعٍ غيبيٍّ، أو يكون في حكم الطالب، بأن يكون المعهود في ذلك الفعل أنه يُطْلَب به نفعٌ غيبيٌّ، كالسجود للصنم وَفَعَلَه الخاضع عنادًا كما مرَّ في فرعون


(١) انظر ص ٩١٧ - ٩١٨.