للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تبارك وتعالى يتخذ شيئًا من خلقه معبودًا أو يجلّه كما يجلّ العابد المعبود أو يحبه كما يحب العابد المعبود.

وقد جاء عن السلف ما يشير إلى أن إقسام الله تبارك وتعالى بمخلوقاته من هذا الضرب.

قال في الفتح: «وأسند ــ يعني الطبري ــ عن مطرف بن عبد الله أنه قال: إنما أقسم الله بهذه الأشياء ليعجِّب بها المخلوقين، ويُعَرِّفَهُم قدرته؛ لعظمة شأنها عندهم، ولدلالتها على خالقها» (١).

وكذلك ما تَقَدَّم من قول النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «وأبيه»، «وأبيك»؛ إذ لا يتوهم أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يعظِّم مشركًا أجنبيًّا عنه تعظيمَ المعبود.

وعلى كلِّ حال فينبغي المنعُ من القَسَم من هذا الضرب ما لم تكن القرينةُ الصارفة عن تَوَهُّمِ كونه من الأَضْرُبِ الثلاثة الأولى واضحةً. والله أعلم.

[٧٣١] وأما الضرب الخامس، فالظاهر المنع منه؛ لأنه من قبيل إطلاق الكلمة التي ظاهرها كفر على وجه الاستهزاء، وذلك لا يجوز، بل نصَّ جماعة من العلماء على تكفير فاعل ذلك.

إذا تقرَّر هذا، فحَلِف الإنسان بأبيه منهيٌّ عنه مطلقًا، وقد عَلِمْتَ الأدلَّةَ الدالَّة على أنه شرك، أما إذا كان من الأضرب الثلاثة الأولى فظاهر، وأما إذا كان من الرابع قصدًا فالظاهر لا يساعد على هذا القصد، بل يكون الظاهر أنه من أحد الأضرب الثلاثة الأولى.


(١) فتح الباري ١١/ ٤٢٩. [المؤلف]