للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحَّتها، بل صرَّحوا بوضعها واعتذروا عن أولئك الأكابر. فكذلك لا ينبغي أن يُسْتَدَلَّ على صحة شيء من هذه الغرائب بإدراج بعض العلماء المشهورين لها في كتبهم، على أنَّ كثيرًا منهم يتسامحون في ذلك؛ لزعمهم أن ما كان من باب المناقب والفضائل يجوز التساهل في روايته؛ لأنه لا يبنى عليه حكم شرعيٌّ لا قطعيٌّ ولا ظنِّيٌّ. [٦٣] وقد نُقِلَ نحوُ هذا عن الأئمة المتقدمين وشرطوا ألّا يشتمل على شيء من الأحكام، وألّا يبنى عليه شيء من الأحكام، وقد حققت هذا البحث في رسالة مستقلة (١). والحمد لله.

فصل

فإذا صحَّ وثبت وقوع شيء من الغرائب عن رجل من المسلمين (٢) كان عليك حينئذٍ أن تعرف من أيّ الأقسام هو، فقد قسم أهل العلم الغرائب إلى قسمين: خوارق وغيرها.

وذكروا أن الخوارق على أربعة أضرب: معجزة, وكرامة, واستدراج, وإهانة.

فالمعجزة مخصوصة بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

والكرامة بالأولياء والصالحين, وأنكرها المعتزلة والأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني من كبار أئمة أهل السنة، قال: كل ما جاز تقديره معجزة لنبيٍّ لا يجوز ظهور مثله كرامةً لوليٍّ، وإنما مَبَالِغُ الكرامات إجابة دعوة أو موافاةُ


(١) هي: رسالة «حكم العمل بالحديث الضعيف».
(٢) هنا لَحَق بقدر ثمان كلمات، ظهر منها: (لزم ... النظر فيها أخارق هي أم لا؟)، مع أنَّ الكلام يستقيم بدونها.