للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ماءٍ في بادية من غير توقُّع المياه، أو نحو ذلك مما ينحطُّ عن خرق العادات.

وقال الإمام القشيريّ ــ وهو من أئمَّة أهل السنَّة العارفين بالتصوُّف ــ: لا تنتهي الكرامة إلى نحو ولدٍ دون والدٍ، وقلب جمادٍ بهيمةً.

قال التاج السبكي: وهذا حق يخصص قول غيره: ما جاز أن يكون معجزة لنبيٍّ جاز أن يكون كرامة لوليٍّ (١).

وقال الحافظ ابن حجرٍ في فتح الباري في باب غزوة الرجيع، في الكلام على مقتل خُبَيبٍ رضي الله عنه وقول المرأة: «لقد رأيتُه يأكل من قِطْف عنبٍ وما بمكَّة يومئذٍ ثمرةٌ، وإنه لموثقٌ في الحديد، وما كان إلا رزقٌ رزقه الله خُبَيبًا».

قال الحافظ: «قال ابن بطَّالٍ: هذا يمكن أن يكون الله جعله آيةً على الكفار وبرهانًا لنبيِّه لتصحيح رسالته، قال: فأما مَن يدَّعى وقوع ذلك له اليوم بين ظهراني المسلمين فلا وجه له؛ إذ المسلمون قد دخلوا في الدين وأيقنوا بالنبوَّة، فأيُّ معنىً لإظهار الآية عندهم؟ ولو لم يكن في تجويز ذلك إلا أن يقول جاهلٌ: إذا جاز ظهور هذه الآيات على يد غير نبيٍّ فكيف نصدِّقها من نبيٍّ والفرض أن غيره يأتي بها؟ لكان في إنكار ذلك قطعًا (٢) للذريعة، إلى أن قال: إلا أن يكون وقوع ذلك مما لا يخرق عادةً ولا يقلب عينًا، مثل أن يكرم الله عبدًا بإجابة دعوةٍ في الحين ونحو ذلك مما يظهر فيه فضل الفاضل وكرامة الوليِّ، ومن ذلك حماية الله تعالى عاصمًا لئلا ينتهك عدوُّه حرمته، انتهى.


(١) انظر: شرح المحلِّي على جمع الجوامع مع حاشية البناني ٢/ ٢٦٢ - ٢٦٣. [المؤلف]
(٢) كذا في الأصل وفتح الباري.