للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اعتقاد المشركين في الأصنام] (١)

والمقصود أنهم إنما عظَّموا الأصنام على أنها تماثيل أو تذاكر للإناث الوهميَّات التي هي في زعمهم بنات الله عزَّ وجلَّ، وهي عندهم الملائكة, فلم يعتقدوا في الأصنام ذاتها نفعًا ولا ضرًّا، وإنما يعتقدون أنَّ تعظيمها ينفع من حيث هو تعظيم للأشخاص التي جُعِلَتْ تماثيل أو تذاكر لهم.

وأمَّا قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: ١٨]، فقد تقدَّم في فصل العبادة في فرع الأصنام احتمالٌ وجيه أنَّ المراد الملائكة، فارجع إليه (٢). فإن لم يطمئن به قلبك [س ١١٧/ب] فقل ما تقدَّم عن المفسرين أنَّ نسبة الشفاعة إلى الأصنام باعتبار السببيَّة.

بقي قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ} [الزمر: ٤٣]، فإن قوله: {لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ} يأبى أن يكون المراد: الإناث الخياليات؛ لأنهن معدومات أصلًا


(١) هذا العنوان من وضعي، اعتمادًا على إحالة سبقت للمؤلِّف (ص ٤٣٣) قال فيها: "وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق الكلام في الآية في بحث اعتقاد المشركين في الأصنام"، ويعني الآية ١٨ من سورة يونس الآتية قريبًا، واعتمادًا أيضًا على ما سيقوله بعد ثلاث صفحات: " وقبل أن نخرج من بحث الأصنام".
(٢) انظر ص ٤٣٢.