للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٤٧١] تفسير عبادة الشياطين

قد لوَّحنا فيما تقدَّم (١) إلى أنَّ عبادة الشياطين لها وجوه:

الأوَّل: طاعتهم في شرع الدين، وهم في ذلك قريبٌ من الأحبار والرهبان، وقد تقدَّم ما يتعلَّق بهم (٢)، ولم يعذر الله المشركين بكونهم لا يعلمون أنهم يطيعون الشياطين؛ لأن الحجَّة قد قامت عليهم بأن الشيطان يوسوس للإنسان بالأفعال السيِّئة، فلما كان إذا وقع في أنفسهم تخيُّلُ أن عبادة الأصنام ونحوها دينٌ ينفع عند الله تعالى ونحو ذلك من التخيُّلات، وهم يعلمون أنه ليس على ذلك برهانٌ، ولا أنزل الله به من سلطانٍ، فقد ظهر أن تلك التخيُّلات من وسوسة الشيطان، فغفلتهم عن ذلك تقصيرٌ منهم لا يُعْذَرُون به.

الوجه الثاني: كانوا يعبدون إناثًا غيبيَّاتٍ يزعمون أنهنَّ بنات الله تعالى، وأنهنَّ الملائكة، فرأت الشياطين أنه لا إناث غيبياتٍ إلا منهم، ولذلك عمدت شيطانةٌ فتسمّت بالعزَّى ولزمت الصنم المجعول للعزَّى ــ كما تقدَّم (٣) ــ، وقس على ذلك.

الوجه الثالث: أن من عادة الشياطين اعتراض العبادات الباطلة [٤٧٢] حتى تكون في الصورة كأنها لهم، كما ثبت في صحيح مسلمٍ وغيره في حديث المواقيت النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها، وقال:


(١) انظر ص ٥٩٥.
(٢) انظر ص ٦٥٤.
(٣) انظر ص ٥٩٦.