للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

/فصل في تفسير أهل العلم للعبادة (١)

أما المتكلمون وأهل العقائد المسمّى بعلم التوحيد فلم أقف لهم على كلام بيِّن في تفسير العبادة، وكأنهم يرون أن الكلام عليها خارج عن فنِّهم، بل صرّح به السعد في شرح المقاصد ــ كما تقدم ــ، وكذلك الفقهاء مع حكمهم بالردّة على من عظّم غير الله تعالى أو تذلَّل له على سبيل العبادة. وهذا عجيب؛ يبنون الأحكام على العبادة ويهملون تفسيرها! , ولو قال قائل: إن أكثر الفقهاء بعد القرون الأولى لم يكونوا يعرفون معنى العبادة على وجه التحديد لما وجدنا حجّة ظاهرة تردّ قوله.

وأما المفسِّرون؛ فقال ابن جرير: "تأويل: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} لك اللهمّ نخشع ونذلّ ونستكين إقرارًا لك يا ربّنا بالربوبيّة لا لغيرك" (٢).

وفي الكشّاف: [والعبادة أقصى غاية الخضوع والتذلّل، ومنه: ثوب ذو عَبْدَةٍ، إذا كان في غاية الصفاقة وقوّة النسج؛ ولذلك لم تستعمل إلا في الخضوع لله تعالى؛ لأنه مولي أعظم النعم، فكان حقيقًا بأقصى غاية الخضوع] (٣).

وأما أهل اللغة؛ ففي لسان العرب (٤):

"قال الأزهري: ... ولا يقال عبد يعبد عبادة إلا لمن يعبد الله، ومن عبد دونه إلهًا فهو من الخاسرين.


(١) هذا الفصل ثلاث صفحات غير مرقمة من نسخة (ب).
(٢) تفسير الطبري ١/ ١٥٩.
(٣) الكشّاف ١/ ١٠، وقد بيّض المؤلِّف لكلام الزمخشري فأضفته.
(٤) ٣/ ٢٧١ - ٢٧٤.