للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقومه (١)، أو خوفًا من ضررٍ لا يبلغ حدَّ الإكراه ــ كما مرَّ في أوائل الرسالة في المستضعفين الذي عرَّضوا أنفسهم لأن يُكْرَهوا على الكفر رغبةً عن الهجرة التي فيها خروجهم من بيوتهم وأموالهم وأهليهم, أو مداهنةً (٢)؛ لأنه أولى مما قبله، ويدلُّ عليه قول الله عزَّ وجلَّ: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: ١٤٠]، أو طمعًا في نفعٍ دنيويٍّ، كمَن يُجْعَلُ له مالٌ عظيمٌ على أن يسجد لصنمٍ، وهذا أولى من الخائف، أو هزلًا ولعبًا كما تدلُّ عليه آية الإكراه على ما تقدَّم أوائلَ الرسالة (٣)، والفقهاء يثبتون الرِّدَّة بذلك.

وقوله: (نفعٌ) أُرِيد به ما يشمل دَفْعَ الضرر.

وقوله: (غيبيٌّ) قد تقدَّم تفسيره (٤).

وهذا تعريف للعبادة من حيث هي، فإن أُرِيد تعريف عبادة الله عزَّ وجلَّ زِيد: (بسلطانٍ)، أو تعريفُ عبادة غيره، زِيد: (بغير سلطانٍ)، وقد يكون الفعل عبادةً لغير الله عزَّ وجلَّ، ولَكِنَّ فاعله معذورٌ؛ فلا يُحْكَمُ عليه بالشرك, كما سيأتي إن شاء الله تعالى.


(١) انظر ص ٦٩٩ - ٧٠٠.
(٢) انظر ص ١٦ - ١٧.
(٣) انظر ص ١٦.
(٤) انظر آخر ص ٧٣٠.