وقال تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (٧٠) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (٧١) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}، وهذه الآية كالظَّاهرة في أنهم كانوا يدعون الأصنام أنفسها.
وعليه، فكأنهم كانوا في الأصل يريدون بدعائها دعاء الكواكب، وإنما يوجهون الخطاب في الصورة إليها تخيُّلًا أنها هي الكواكب أنفسها، أو أرواحها؛ ليكون ذلك أدعى إلى الخشوع وقوَّة الهمَّة وصِدْق التَّوجُّه.
وأما زعم أن الشياطين تدخل الأصنام وتخاطبهم فيردُّه قولهم:{لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ}[الأنبياء: ٦٥].
وهذا المعنى موجود في ديانة الهنود؛ فإنهم عند حضورهم عند الأصنام يبالغون في تخيُّل أنها هي الأرواح التي جعلت تماثيل لها حتى يقال:[إنّ] بعضهم ربما ظهر له أن الصنم قد تحوَّل إنسانًا حيًّا بشكل الروح التي جُعل تمثالًا لها، وجهلتهم يعتقدون أنه ذلك الروح حقيقة قد حلَّ في الصنم.
وأظنُّ هذا من وصايا المرتاضين منهم، يوهمون العامَّة أن الروح الذي جُعِل الصنم تمثالًا له قد يحلُّ في [الأصنام]، فيرى أن الصنم قد صار شخصًا حيًّا يتكلَّم ويتحرَّك، إلى غير ذلك. ومقصودهم بهذا حمل العامَّة على قوَّة التخيُّل وحصرالذِّكر؛ فإن ذلك أساس رياضتهم. والله أعلم.
وقد دلَّ التاريخ والآثار الموجودة ببابل أنهم كانوا يمدحون الكواكب ويسألون منها. والله أعلم.