للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر الله عزَّ وجلَّ في سورة الأحقاف خبر عادٍ، ثم قال: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ [٤٢٩] الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٧) فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً} [الأحقاف: ٢٧ - ٢٨].

وذكر المفسِّرون أن المراد بما حولهم عادٌ وثمود وغيرهم، وهو ظاهرٌ.

وقال الراغب: «وقوله: {قُرْبَانًا آلِهَةً} فمن قولهم: قربان الملِك: لمن يُتقرَّب بخدمته إلى الملِك، ويُستعمَل ذلك للواحد والجمع» (١) , أي: لأنه في الأصل مصدرٌ.

أقول: وقولهم: {لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً} (٢) قد يؤخذ منه أنهم كانوا يعبدون الملائكة، ولكن كانوا ينعتونهم بصفاتٍ كاذبةٍ، فلذلك قضى عليهم أنهم كانوا يعبدون أشخاصًا لا وجود لها، ويؤخذ من قوله تعالى: {اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا} أنَّهم كانوا يقولون: ما نعبدهم إلا ليقرِّبونا إلى الله زلفى، وأنَّ قولهم: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} [هود: ٥٤] أرادوا به أنَّ الآلهة تسأل الله تعالى أن يصيبك بسوءٍ، والله أعلم.

وقد ورد في التواريخ أنه كان للقوم أصنامٌ، فإن ثبت فإنها كانت تماثيل للأشخاص التي تخيَّلوها وزعموا أنها الملائكة، والله أعلم.


(١) مفردات ألفاظ القرآن ٦٦٤.
(٢) في الأصل: «لو شاء الله لأنزل ملائكةً»، وليست هي التي مضت في حكاية قول عادٍ وثمود.