للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من التناقض، وعِلْمُ ذلك الجامع لا يُهِمُّكُم، بل المهمُّ أن تسلكوا الطريق المنجيَ, فَدَعُوا (١) الشرك والتقوُّل على الله تعالى، واتَّبِعوا الرسول وأطيعوه فتكونوا عاملين بكلا (٢) العقيدتين ناجين على كلِّ حال؛ لأنكم إذا فعلتم ذلك كنتم قد عملتم بعقيدتكم في صدق الأنبياء الماضين وما يترتَّب عليها، وبالبراهين القائمة على حقِّيَّة ما عليه محمَّد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، وصحَّ مع ذلك أن يقال: إن الله عزَّ وجلَّ لو شاء ألَّا تتركوا الشرك لما تركتموه. [س ١٣٥/أ] فأما أن تبقوا على الشرك بعد علمكم بأن البقاء عليه ضلال موجب للهلاك والعذاب لمجرد جهلكم بالجامع بين العقيدتين, فهذه سفاهة بل جنون.

فقد تبيَّن أنَّ إرشادهم إلى النظر في حال الأنبياء المتقدِّمين مع أممهم كان في إقامة الحجَّة وأنه لا حاجة إلى فتح باب القَدَر (٣) إقراره، واكتَفَى بالإشارة إليه بقوله تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}، وقوله: {فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} والله أعلم.

ثم ذكر الله عزَّ وجلَّ حجة أخرى لإسقاط تشبُّثهم بتلك الشبهة فقال تعالى في الموضع الأول: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} وفي الموضع الثالث: {مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (٢٠) أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢)} يريد


(١) تحتمل: وتدَعوا.
(٢) كذا.
(٣) هنا نحو كلمتين لم تظهرا في الأصل.