للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العالم معلنًا به.

فأما الجاهل فإنما يمكن أن يكون مأجورًا على البدعة إذا كان قَلَّد فيها مَن يعتقد فيه العلم, ولم يقصِّر في الاختيار, ولا تبين له ضعف قوله, ولا ترك الاحتياط، فإذا اختلَّ شيء من هذا فقد صرح العلماء بأنه يكون آثمًا لتقصيره، على تردّدٍ من بعضهم في بعض ذلك، إلا أنه لا يُحكم عليه بالكفر أو الشرك حتى تقام عليه الحجة.

وعندي تردُّد فيمن ترك الاحتياط, كأن يسمع من بعض العلماء أن هذا الفعل مستحب ويسمع من آخر أن هذا الفعل ليس بمستحب بل هو شرك، فإذا أقدم مثل [٦٢٢] هذا على ذلك الفعل ألا يُحْكَم عليه بالشرك؟ وقد نصَّ العلماء أن مَن أقدم على ما يظنه كفرًا (١) يكفر، وإن لم يكن ذلك الشيء كفرًا في نفس الأمر.

وفي الهداية وشرحها من كتب الحنفية: «وإن قال: إن فعلت كذا فهو يهودي أو نصراني أو كافر يكون يمينًا؛ لأنه .... ولو قال ذلك لشيء قد فعله فهو الغموس، ولا يكفر، اعتبارًا بالمستقبل. وقيل: يكفر؛ لأنه تنجيزٌ معنًى، كما إذا قال: هو يهودي. والصحيح أنه لا يكفر فيهما إن كان يعلم أنه يمين، فإن كان عنده أنه يكفر بالحلف يكفر فيهما؛ لأنه رضي بالكفر حيث أقدم على الفعل». قال المحشِّي: «قوله: (يكفر فيهما)؛ لأنه لما أقدم على ذلك الفعل وعنده أنه يكفر فقد رضي بالكفر». اهـ (٢).


(١) في الأصل: كفر.
(٢) العناية [للبابرتي] شرح الهداية [للمرغيناني] ٢/ ١٩١. [المؤلف]