للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العمل يكون قربةً بالنية، ولا يكفي في ذلك مجرد النية كما في الزاني بأمِّه تقرُّبًا في زعمه، وشاربِ الخمر تقوِّيًا على قيام الليل، والساجد للشمس احترامًا لها لأنها آية من آيات الله، وقس على ذلك، ولعلّك قد وقفت على الحكاية التي وُضِعَتْ على مؤذن حمص ومسجدها وإمامها وقاضيها، فإنها من هذا القبيل (١).

واعلم أن سائر الكفار من أهل الكتاب والمشركين كلهم يزعمون أنهم إنما يتمسكون بكفرهم طاعة لله عزَّ وجلَّ وتعظيمًا له، كما تقدم بعض ذلك، وقد علمنا أن قصدهم ذلك لا ينفي عنهم اسم الكفر ولا حكمه بل يغلِّظه عليهم ويكون كفرًا على كفرٍ.

وأما ما في ذلك الرأي (٢) من الحق فهو في رمي المسلم غَيْرَهُ بالكفر عند ظنه ذلك بعد اجتهادٍ يُعْتَدُّ به، كما قال عمر في حاطب, وأسيدُ بن حضير في سعد بن عبادة, وجلساء عتبان بن مالك [١٠٧] في مالك بن الدخشم رضي الله عنهم، وسيأتي توضيح ذلك في أواخر الرسالة (٣)، إن شاء الله تعالى.

وقد قال الإمام أحمد وغيره بكفر تارك الصلاة كسلًا، ولم يُنْكَرْ عليهم ذلك، وإن خولفوا فيه فكما خولفوا في بعض أحكام البيع مثلًا، ومَنْ طالع أبواب الردة في كتب الفقهاء وجد من ذلك كثيرًا.


(١) الحكاية في المستطرف ٢/ ٣٠٥, وهي من الحكايات الماجنة المكذوبة.
(٢) أي: عدم الإنكار على أحد، وقد مرَّ في مطلع هذا الفصل.
(٣) في باب الأعذار ص ٩٣٥ - ٩٤١.