للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ٩٠] وأطلق جماعةٌ توهينه.

وقال ابن معين: هو ضعيف، قبل أن تحترق كتبه، وبعد احتراقها.

وفَصْل الخطاب في حقه ما ذكره الذهبي في "الميزان" (١). قال: "قال ابن حبان: قد سبرتُ أخباره من رواية المتقدمين والمتأخرين، فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجودًا، وما لا أصل له في رواية المتقدمين كثيرًا، فرجعت إلى الاعتبار، فرأيته كان يدلس عن أقوام ضعفاء، على أقوام رآهم ابن لهيعة ثقات، فألزق تلك الموضوعات بهم". اهـ.

أقول: فكأنَّ مَنْ أطلق الثناءَ عليه نَظَر إلى صِدْقه وعدالته، وسَعة علمه. ومن قال بصحة سماع المتقدمين، نظر إلى أن الرجل كان ضابطًا حينئذٍ، فالسماع منه صحيح، وإن كان يدلس. ومن خصَّ العبادلة، فلأنهم من المتقدِّمين المتحَرِّين.

وأما أبو زُرْعة؛ فكأنه علم أن كتابه صحيح، كما قال أحمد بن صالح، فصحَّح سماع من كان يتبع أصوله.

ولما رأى أن ما لا أصل له كثيرٌ في رواية المتقدمين، أي ممن لم يتبع كتابه، ظهر له أن الرجل لم يكن ضابطًا أولًا وآخرًا، فأطلق قوله: "وليس ممن يحتج به"، ولو اعتبر كما اعتبر ابن حبان لظهر له ما ظهر له.

[ص ٩١] وأما من أطلق التوهين؛ فنظر إلى الظاهر، ولم يعتبر.

وعلى كل حال، فلم يتكلم أحدٌ في صحة كتابه، وقد صرح الجمهور بأنه صحيح، وتدليسه عن الضعفاء لا يقدح في صحة كتابه، مع أن الظاهر أنه


(١) (٣/ ١٨٩ - ١٩٧).