وفي رواية إبراهيم:"فقال فضالة: خَفِّفوا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بتسوية القبور".
وفي رواية أحمد بن خالد عند البيهقي:" ... فتوفي ابنُ عمٍّ لنا يقال له: نافع بن عبد، قال: فقام فَضالة في حفرته، فلما دفناه قال: خَفِّفوا عليه التراب، [ص ١٩] فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمرنا بتسوية القبور".
هذا الحديث صحيحٌ، نظيفٌ لا غبار عليه، ووجود ابن إسحاق في إحدى الطريقين لا يقدح، مع أنه إنما يُخْشى منه التدليس، وقد صرح بالتحديث.
نعم، قال الذهبي في "الميزان"(١) في آخر ترجمة ابن إسحاق: "ما انفرد به ففيه نكارة، فإن في حفظه شيئًا".
وقد انفرد بزيادة "أخِفّوا عنه" كما في رواية، أو "خَفِّفوا" كما في أخرى، أو "خَفِّفوا عليه التراب" كما في ثالثة، لكنها في الحقيقة ليست بزيادة، وإنما هي في مقابل ما في رواية عَمْرو:"فأمر فضالة بقبره فسُوِّي"، فهي تفسير لها، مع أن ههنا قرينة تدلّ على أن ثمامة أوضح القصة لابن إسحاق أتمّ من عَمْرو، وهي وجود اسم المتوفى في رواية ابن إسحاق، وذِكْر ابن إسحاق لاسم المتوفى واسم أبيه (نافع بن عبد) يدل على جودة حفظه للقصة.
على أن الذهبي لم يقل: إن ما انفرد به فهو منكر، بل قال:"ففيه نكارة"، أي نكارة خفيفة، بدليل قوله عقبه:"فإن في حفظه شيئًا"، والنكارة اليسيرة،