للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال في "النهاية" (١): "وفي حديث عمر أنه أول من بَطَح المسجد، وقال: ابْطَحْه من الوادي المبارك، أي: ألقى فيه البطحاء". اهـ.

فكون القبور مبطوحة بالمعنى الأول يقتضي التسطيح، وقد حاول ابنُ التُّرْكماني (٢) أن يدفع ذلك فلم يصنع شيئًا، وذلك أنه نقل عبارة "الفائق": "البطح: أن يجعل ... " إلخ، كما مر، ثم قال: "فعلى هذا قوله: "مبطوحة" معناه ليست بمشرفة، وقوله: "لا مشرفة ولا لاطئة" يدل على ذلك" اهـ.

وقد كان له أن يقول: إن استواء الشيء وذهاب تفاوته لا يقتضي التسطيح، بل يصح أن يكون المسنَّم مستويًا لا تفاوت فيه، وذلك باعتبار ظاهر سطحه، بحيث لو بُسِطَ عليه ثوبٌ للصق بجميع [ص ٣٦] أجزاء سطحه، نظير ما قلناه في التسوية، فإن هذا التوجيه لا يخلو من قوة، وإن كان الحق أن "البطح" بالمعنى الأول ينافي "التسنيم"، وبينه وبين لفظ "التسوية" فرقٌ لا يخفى على المتأمل.

وبالمعنى الثاني؛ يقتضي التسنيم فيما يظهر.

وبالمعنى الثالث؛ يقتضي التسنيم قطعًا؛ لأن القبر المسنَّم يشبه هيئة الإنسان المبطوح، ولا سيما مع اعتبار ظاهر القبر ظهرًا له.

وبالمعنى الرابع؛ يقتضي التسطيح على ما ذكره الشافعي في حديث جعفر بن محمد عن أبيه، كما مر (٣)، قال: "والحصباء لا تثبت إلا على قبرٍ مسطَّح".


(١) (١/ ١٣٤). وصُحّح فيها إلى "ابطحوه" من المصادر الأخرى.
(٢) في "الجوهر النقي": (٤/ ٣ ــ بهامش سنن البيهقي).
(٣) (ص ٢٣).