ولا أدري ما وجهه، وإنما يمتنع ثباتُ الحصباء على الشيء المسنَّم إذا كان صلبًا، فأما إذا كان ترابًا غير منعقد، فإن الحصباء تثبت عليه كما لا يخفى. فالذي نفهمه أن البطح بالمعنى الرابع لا يقتضي تسطيحًا ولا تسنيمًا.
وأما الترجيح بين هذه المعاني، فالراجح الأخير، [ص ٣٧] لقوله: "ببطحاء العَرْصة الحمراء"، وذلك أن البطحاء على المسيل المتسع الذي فيه صغار الحصى، وتُطلق على نفس الحصى، كما مر.
قال الطِّيبي في "شرح المشكاة"(١): "والمراد به ههنا الحصى؛ لإضافته إلى العرصة" اهـ.
أي: لأن العرصة هي كل موضع واسع لا بناء فيه. وإضافة المسيل الواسع إلى الموضع الواسع غير ظاهرة.
أقول: والباء في قوله: "ببطحاء" تدل على أن المراد بالبطحاء الحصى، وبـ "مبطوحة" موضوع عليها الحصى، وذلك أن الباء على هذا المعنى للتعدية، وعلى غيره للظرفية، ومجيء الباء للظرفية قليلٌ، بخلاف مجيئها للتعدية، كما هو واضح.
[ص ٣٨] ولرجحان هذا المعنى على بقية المعاني استغنينا عن الترجيح بين المعاني الباقية.
ثم الظاهر أن الحال التي كانت عليها القبور حين رآها القاسم هي الحال التي وُضِعت عليها من أول مرة، إذ يبعُد أن يجترئ أحدٌ من الصحابة على تغييرها عما اتفقوا عليه فيها، ويؤيده أنها في بيت أم المؤمنين عائشة،