للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو يساكنهم، أو يأوون إليه فيجالسهم أو يحسن إليهم أو يواسيهم، وكيف بالتعصب عليهم ومنع الإمام من الانتصاف ١ منهم، فلو لم يكن إلاّ واحد من هذه الأمور لكفي به معصية، فكيف بجميعه أو غالبه!.

وهذا كله فيمن لم يباشر- لأنّه بكتمه أو تعصّبه أو مجالسته لهم أو مساكنته ونحو ذلك، مع عدم التغيير عليهم إنْ قدر، أو خروجه من بينهم إنْ لم يقدر ٢ - راض بفعلهم معين لهم بذلك على الاستمرار في معصيتهم، "ومن رضي فعل قوم فهو منهم" ٣، ولذلك استوجبوا ما تقدّم من العقاب في الآيتين الكريمتين، فكيف بالمباشرة منهم!.

ولذا قال الفقهاء- كما في "ابن عرفة ٤ وغيره-: (تحرم الإقامة والسكنى بين قوم لا يتناهون عن المناكر، ولا زاجر لهم يزجرهم عنها، وإنْ لم يباشر هو معهم ما هم عليه، وتجب عليه هجرتهم، قال تعالى: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُةاجِرُوا فِيةا}) ٥.

قالوا: (وهو ساقط الإمامة والشهادة بعدم (الهجرة) ٧.٦.


١ - انتصف منه: استوفى حقه منه كاملاً، وأنصف الرجل: عدل، يقال: (أنصفه من نفسه، وانتصف هو منه). (الرازي- مختار الصحاح: ٥٢٦، ترتيب القاموس المحيط: ٤/ ٣٤٢).
٢ - ساقطة من "ب".
٣ - تقدّم تخريجه.
٤ - أبو عبد الله: محمد بن محمد بن عرفة الورغمي، الإمام التونسي، العالم، الخطيب، المفتي في عصره، تولّى إمامة الجامع الأعظم (سنة ٧٥٠هـ)، من كتبه: "المختصر الكبير"، و"المختصر الشامل" و"المبسوط" في الفقه. مات بتونس (سنة ٨٠٣هـ). (السخاوي- الضوء اللامع: ٩/ ٢٤٠ - ٢٤٢، التنبكتي- نيل الابتهاج: ٢٧٤، الزركلي- الأعلام: ٧/ ٤٣).
٥ - سورة النساء / آية ٩٧، وتمامها: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُةاجِرُوا فِيةا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَةنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}.
٦ - في "ب" و"ج" و"د": (الهجران).
٧ - (اتفق علماء المدينة مالك وأصحابه أجمع، على: ردّ شهادة تسعة وإمامتهم أبداً وإن تابوا =

<<  <   >  >>