للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(إلاّ إذا سدّت به الذريعة ... أو خيف شرع شرعه أو شيعه) ١ ٢

إلاّ أنه أطلق، فظاهره أنّه مع الذريعة يؤاخذ به قريياً كان أو غير قريب، قدر المأخوذ منه على الانتصاف من الذنب أم لا، وليس كذلك، بل محله: إذا كان الغير المأخوذ به يقدر على الانتصاف من المذنب، أو ينكفّ المذنب عن ذنبه بمؤاخذة ذلك الغير.

ولعلّه إنّما أطلق اتّكالاً على المعنى، لأنّ العادة أنّ الظالم لا ينكفّ عن ظلمه بمؤاخذة ذلك الغير، إلاّ إذا كان ذلك الغير قريباً لذلك المذنب، أو كان يقدر على تغريمه، وعلى الانتصاف منه سواء كان قريباً له أم لا، وإلاّ فإن كان لا ينفك ٣ عن ظلمه بمؤاخذة ذلك الغير، ولا يقدر الغير على الاننصاف منه، لم تجز مؤاخذته به بحال، لأنّه حينئذ من القسم الأول ٤ فلا سد للذريعة فيه أصلاً، وهذا المعنى الذي أشرنا إليه، لم يلم به أحد من شراحه فيما علمت، والله أعلم.

والمؤاخذة لسذ الذريعة هي: المسألة المعروفة عند الناس بالكفاف ٣، وهو: أنْ يكون لشخص حق من دين، أو وديعة، أو سرقة، أو غصب، ولا يقدر


١ - أنظر: السجلماسي الرباطي في شرحه لنظم عمل فاس: ٢/ ٤٠٩.
٢ - قال المصنف: (والشاهد من قوله: إلاّ إذا سدّت به الذريعة ... إلخ، لأنهم إذا عزموا حملهم ذلك على حفظ طرقاتهم وحفظ المارين بأرضهم وعدم كتمان غصابهم وسراقهم فضلاً عن التعصب عليهم). (البهجة في "شرح التحفة": ٢/ ٣٥١) "في الغصب والتعدّي".
٣ - في "ب" و"ج" و"د" (ينكف) وكلا المعنيين صحيح.
٤ - أنظر القسم الأول: ١٣١.
٥ - قال السجلماسي- في مسألة الكفاف-: (لم أر الكلام عليها إلاّ في كتاب صغير لا أعلم مؤلفه الآن، ونصّه "والذي وقع له ببلد فلم ينصف من حقه، فإن كان بلد لا حاكم به، ولا سلطان، وعلم فهم لا ينصفونه من ماله بعد صحته وثبوته، فلا بأس أن يكفف من يعلم منه القدرة والكفاية لبلوغ حقه ممن له عصيبة يغضبون بغضبه، ويقومون معه إذا أمسك عنه ماله حتى يوصلوا إلى الممنوع حقه، والمطالبات في هذا سواء لمن ثبت حقّه وصحّ منعه، حاشى الدماء والحدود، وما حكمه أن يكون في البدن فذلك لا كفاف فيه). (شرح نظم عمل فاس: ٢/ ٤١٧).

<<  <   >  >>