للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يترصد ١ غرّته ٢، فوجده مكففاً ٣ في السلاح لا يظهر منه إلاّ عيناه، فاحتال، حتى أمكنته الفرصة فطعنه في عينيه، فخرّ صريعاً، وجعل ينادي بلسان الروم: "قتل السلطان يا معشر الروم" وأشاع قتله في العسكر، فكان ذلك سبب انهزامهمه) ٤.

قالوا: (ومن السنة إذا أراد غزو طائفة: أن يوري ٥ بغيرها تورية لا يشكّ فيها القريب والبعيد، ولا يطّلع على مقصده أحداً من خواصه، ولا غيرهم، إلاّ إن دعت ضرورة إلى ذلك- كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة "تبوك" ٦ - بل إن أمكنه: أن يورّي بغيرها ممّا هو- كحالها في القرب والبعد والخوف- فليفعل، ولا يعيّنها ما وجد لكتمانها سبيلاً) ٧.


١ - ترصد له: أي قعد له على طريقه. (البستاني- فاكهة البستان: ٥٣٥).
٢ - أي: غفلته. (نفس المصدر السابق: ١٠١٧).
٣ - أي: محاطاً، فكنّفه: حاطه وصانه، وتكنفوه، واكتنفوه، وكنفوه تكنيفاً: أحاطوا. (الرازي- الصحاح: ٤٥٩).
٤ - نقلها الطرطوشي في "سراج الملوك ": ١٧٩ - ١٨٠.
٥ - في "الأصل" (يرى) وهو تصحيف، والصواب ما أثبتناه من "ب" و"ج". وهو بمعنى: يخفيه، يقال: "ورّى الخبر تورية" أي: ستره وأظهر غيره كأنه مأخوذ من وراء الإنسان، كأنه يجعله وراءه حيث لا يظهر، فالتورية: ان تطلق لفظاً ظاهراً في معنى، وتريد به معنى آخر يتناوله ذلك اللفظ لكنه خلاف ظاهره. (الرازي- مختار الصحاح: ٥٦٩، المصباح المنير: ٢/ ٣٧٦).
٦ - موضع بين وادي القرى والشام، حصن بين عين ونخل وحائط ينسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وتنسب إليه آخر غزواته - صلى الله عليه وسلم - حينما توجه في (سنة ٩هـ)، لغزو من انتهى إليه أنه قد تجمع من "الروم" وعاملة، ولخم، وجذام، فوجدهم قد تفرّقوا، فنزل - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه على عين وأمرهم أن لا يمسّ أحد من مائها، فسبق إليها رجلان وهي تبص بشيء من ماء فجعلا يدخلان فيها سهمين ليكثر ماءها، فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما زلتما تبوكان منذ اليوم) فسميت بذلك "تبوك "، والبوك: ادخال اليد في شيء وتحريكه. (ياقوت الحموي- معجم البلدان: ٢/ ١٤ - ١٥).
٧ - قال الصنعاني: (وكانت توريته - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا أراد قصد جهة سأل عن طريق جهة أخرى ايهاماً أنه يريدها، وإنما يفعل ذلك لأنه أتم فيما يريده من إصابة العدوّ وإتيانهم على غفلة من =

<<  <   >  >>