للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الصحيحين: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لم يكن يريد غزوة يغزوها إلاّ ورّى بغيرها) ١.

قال "ابن النحاس": (واعلم: أن الرسول يكشف حالة مرسله، لأنه أنموذج ٢ شجاعته واقدامه، وترجمان عقله وفهمه، فربّ رسول: أزال هيبة مرسله من قلب عدوّه، بما شاهد من خوره ٣، وعجزه، وجبنه، وقبح منظره، وربّ رسول: ألقى الرعب في قلب العدوّ، بحسن مظهره، وشدّة اقدامه، وقوة قلبه، وفصاحة لسانه، فكان ذلك سبب كسر العدوّ) ٤.

وقال: (ينبغي: أن يختار الرسل الثقات الذين لهم قوة الفراسة في أقوال العدوّ وأفعاله، وينبغي: أن لا يرسل رسولاً إلى عدوّه مراراً متوالية، فربما


= غير تأهبهم له وفيه دليل على جواز مثل هذا، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (الحرب خدعة). (الصنعاني- سبل السلام: ١٣٤٢ - ١٣٤٣).
١ - أخرجه البخاري في "صحيحه" "أنظر فتح الباري في شرح صحيح البخاري": ٦/ ١٢٢ - ١٣٠، كتاب: "الجهاد" باب: "من أراد غزوة فورّى بغيرها" ومن أحب الخروج يوم الخميس"، ٨/ ١١٣، "كتاب المغازي" باب: "حديث كعب بن مالك"، عن عبد الله بن كعب.
ومسلم في "صحيحه": ٤/ ٢١٢٨، كتاب: "التوبة" باب: "حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه".
٢ - في "ب" (دليل).
٣ - في "ب" و"ج" و"د" (جوره) وهو تصحيف، والصواب ما أثبتناه.
وهو بمعنى: ضعفه. تقول: "خور يخور خوراً، والجمع خور بوزن طور. (الرازي- الصحاح: ١٥٠).
٤ - نقل نحوه الهروي في "التذكرة الهروية في الحيل الحربية": ٧٥ - ٧٨، "في صفة الرسول الذي يرسله، والرسول الذي يأتيه والحيلة عليه" وممّا قاله: (وليحذر أن يرسل رسولاً إلاّ بعد امتحانه واختبار أسراره واعلانه، وليعتبر دينه فإن وجد ميلاً إلى الدنيا وطمعاً في جمع المال، فلا يأمنه على سره. وليعلم أن الرسول الذي يأتيه من عدوّه أو صديقه إنما هو بعضه لا بل كلّه، وإنما هو رأيه، لا بل عقله، فيه يستدل على عقل صاحبه، وقوته، وعجزه، وخوره، واقدامه، فإذا أراد امتحانه وكشفه، فليستشره، فانه يقف من مشورته على خيره وشرّه، وعدله وجوره).

<<  <   >  >>