للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأموال الزراعة، وصار عدوّهم يتحيّل لهم بأدنى التحيلات، فيفشي أخباراً في أجناس الكفّار من اليهود وغيرهم، أنه يريد ثغور المسلمين، وأنه مريد الخروج منها، أو أنه يريد الصلح ونحو ذلك، وذلك كلّه: مكيدة، لعلمه: بأن ذلك يصل للمسلمين، فتسكن نفسهم إليه، فينتهز فيهم فرصته، وإذا رآهم لقتاله اجتمعوا كفّ عن خروجه لهم حتى يتفرّقوا لطلب ما به تطبّعوا لعلمه: أنه لا صبر لهم عليه، وأنه ليس بيد أميرهم رزق يرشدهم إليه، ولا لهم مغيث من أمراء الآفاق يعينهم عليه، فإذا تفرّقوا دهمهم بما من الجيوش لديه.

ولهذا: قدّمنا- في الفصل الذي قبله ويليه- وفي الفصل الثاني من المسألة الثانية-: أن الإمام يجب عليه: أن يفرض على كل قبيلة مائة مثلاً ونحوها من شجعانها وأبطالها تكون معه دائماً، وكل قبيلة تموّن مائتها، وعليه رعي النصفة في المناوبة بين الناس- كما في "ابن شاس" ١ - ٢ فإذا قامت معه هذه ستة أشهر ونحوها، ردّها لبلادها بعد أن تأتي الأخرى في محلها، وهكذا، ليدفع بذلك هذه الحيلة، وليس المقصود الاقتصار على دفعها، بل المقصود: الاستعداد لدفعها وإخراجهم من القصور التي استولوا للمسلمين عليها، وإهانتهم في أراضيهم التي أتوا للإسلام منها. [٤٤/أ]

وقد تقدّم- في تلك الفصول- ما- فيه كفاية، لأهل البصيرة وأولي العناية، [قال تعالى]: {الَّذِينَ جَاةدُوا فِينَا لَنَةدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ... } ٣، {إِنَّ اللَّة مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} ٤.


١ - أبو محمد، عبد الله بن محمد بن نجم بن شاس، جلال الدين، الجذامي السعدي المصري، شيخ المالكية في عصره بمصر، له "عقد الجواهر الثمينة" في فقه المالكية. مات مجاهداً "بدمياط" (سنة ٦١٦هـ).
(مخلوف- شجرة النرر: ١٦٥، الزركلي- الأعلام: ٤/ ١٢٤).
٢ - أنظر: عقد الجواهر الثمينة: ١/ ٤٦٤ ونقله الحطاب في "مواهب الجليل لمختصر خليل": ٣/ ٣٤٧.
٣ - سورة العنكبوت / آية ٦٩.
٤ - سورة النحل / آية ١٢٨.

<<  <   >  >>