للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الإمام "أبو عمر بن عبد البر"- رحمه الله-: (يتعيّن على كل أحد: إن حلّ العدوّ بدار الإسلام محارباً لهم: أن يخرج إليه أهل تلك الدار، خفافاً وثقالاً، شيوخاً وشباناً، ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج من مقاتل أو مكثر سواد المسلمين، وإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوّهم، كان على من جاورهم أن يخرجوا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة، وكذلك- أيضاً- من علم بضعفهم، وأمكنه غياثهم، لزمه- أيضاً- الخروج، فالمسلمون كلهم يد على من سواهم، ولو قارب العدوّ دار الإسلام ولم يدخلها لزمهم- أيضاً- الخروج) ١ اهـ.

قال "ابن بشير" ٢: (إذا نزل قوم من العدوّ بأحد من المسلمين، وكانت فيهم قوة على مدافعتهم، فإنه تتعيّن عليهم المدافعة، فإن عجزوا تعيّن على من قاربهم نصرتهم) ٣ اهـ.

وقال "المازري": (فان عصى الحاضر أو من والاه ولم يدفع، [٤٦/أ] تعلق الوجوب بمن يليه) ٤ اهـ. ونصوص أهل المذهب في هذا لا تحصى كثرة.

والمخاطب بالتعيين المذكور ابتداء إنما هو: الإمام، إذ هو المكلّف باستنفار الرعية، لنصرة من والاهم، وتجب على من عيّنه لذلك إطاعته، ولا يتّكل على الرعية أن تفعل، كما مرّ: في قول "القرطبي"، و"الكافي"، وغيرهما: (فرض على


١ - قاله ابن عبد البر في "الكافي": ١/ ٤٦٢ - ٤٦٣.
٢ - أبو الطاهر، ابراهيم بن عبد الصمد بن بشير التنوخي المهدوي، الإمام العالم الجليل الفقيه الحافظ، بينه وبين أبي الحسن اللخمي قرابة، وتفقه عليه في كثير من المسائل ورد عليه اخياراته، أخذ عن الإمام السيوري وغيره، من كتبه: "التنبيه" وذكر فيه أسرار الشريعة، وكتاب "جامع الأمهات" مات شهيداً، قال الشيخ مخلوف: "لم أقف على وفاته". أنظر: مخلوف- شجرة النور: ١٢٦
٣ - نقله الموّاق في "التاج والإكليل": ٣/ ٣٤٨، "كتاب: الجهاد" عند قول خليل: "وعلى قربهم ان عجزوا".
٤ - نقله الموّاق في "التاج والإكليل": ٣/ ٣٤٦، "كتاب الجهاد".
والحطاب في "مواهب الجليل": ٣/ ٣٤٧، "كتاب الجهاد".

<<  <   >  >>