للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإمام: إغزاء طائفة إلى العدوّ، ويخرج معهم بنفسه، أو يولّي عليهم من يثق به، وفرض على الناس- في أموالهم وأنفسهم- الخروج المذكور).

وكما مرّ- أيضاً- في قول "ابن طلحة": (يلزم الإمام: حمل الناس على الجهاد، فإن اتّكل على أن يفعل الناس بأنفسهم ضاع الباب ... إلخ).

وإنما وجب على من والاهم أن يعينهم- حيث لم يستقلّوا، أو لم يفعلوا-، لأنّ العدوّ إذا نزل بأرض الإسلام، وعجز أهل تلك الأرض عن دفعه، أو لم يعجزوا، ولكنهم عصوا وتركوا دفعه، فإن العدوّ يتمكّن حينئذ من تلك الأرض، وإذا تمكّن انتقل بالمحاربة لمن والاهم وهكذا، فيؤدي ذلك لكثرة الارتداد، واستئصال الإسلام.

وهكذا وقع (لأهل) ١ جزيرة الأندلس، تركوا الاستعداد، ولما دهمهم العدوّ- منسحباً بالسلاح- وثياب البذلة ٢ - خرجوا لقتاله بالغفائر ٣، وثياب الزينة، فدهشوا: لعدم التدريب، وممارسة القتال، فصبروا اليوم الأول- مثلاً- والثاني، وكّلوا، فأخذ رقابهم وأموالهم، وكانت ملوكهم لا يعين بعضهم بعضاً، حتى تمكّن العدوّ من طليطلة" ٤ قاعدة مملكتهم، وصارت ملوكهم تؤدي الضريبة وقتئذ للعدوّ الكافر، فلم تنفعهم الإعانة حينئذ، ولم تقم لهم قائمة!

فانظروا- أيّدكم الله-!: حيث لم يعن بعضهم بعضاً، ولم يكونوا بناء


١ - ساقطة من "الأصل"، والإضافة من "ب" و"ج" و"د".
٢ - بكسر الباء، ما يمتهن من الثياب. (الرازي- مختار الصحاح: ٣٣).
٣ - جمع الغفارة وهو: زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة". (المعجم الوسيط: ٢/ ٦٦٣).
٤ - بضم الطائين وفتح اللامين: مدينة كبيرة ذات خصائص محمودة بالأندلس، غربي ثغر الروم، وبين الجوف والشرق من "قرطبة"، وكانت قاعدة ملوك القرطبيين وموضع قرارهم، عليها "القنطرة" التي يعجز الوصف عن وصفها، كانت في أيدى المسلمين إلى أن ملكها الأفرنج (سنة ٤٧٧هـ). وكانت تسمّى "مدينة الأملاك"، ينسب إليها جماعة من العلماء، منهم: أبو عبد الله الطليطلي (ت ٤٥٨هـ) وغيرهم.
(ياقوت الحموي- معجم البلدان: ٤/ ٣٩ - ٤٠).

<<  <   >  >>