للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السالكين، واترك طريق الردى، ولا يضرّك كثرة الهالكين") ١ اهـ كلامه.

قلت: وهذا منه- رحمه الله- تصريح بأن الجهاد فرض عين، على كل من الأئمة، والحال: أنهم قد أخذوا له، أو لغيره ممّن قبله، بعض أقطار البلدان، لأن عدوّ الدين قد نزل به، أو بمن قبله، وقد أخذ له، أو لمن قبله ثغوراً، فيجب عليه: أن يستنقذ ذلك منهم، وإن ترك ذلك الاستنقاذ من قبله، وهو صحيح لا خلاف فيه.

ولهذا أفتى- سيدي- "شقرون بن هبة" ٢ - أحد حفّاظ المتأخرين-: بأن الجهاد في هذا الزمان فرض عين ونحوه في كتاب "فلك السعادة" ٣ قائلاً:


١ - نقله - المصنف- في "الجواهر النفيسة فيما يتكرّر من الحوادث الغريبة": ١/ ٩ - ب، ١٠ - أ.
٢ - هو: أبو عبد الله محمد بن هبة الله، المعروف بالسيد "شقرون بن هبة الله": الفقيه، الفهامة، العلاّمة، شيخ الفتيا وإمامها الأكبر، كان طلق اللّسان واسع العبارة واضح البيان، كثير المعرفة، قدم على "فاس" (سنة ٩٦٧هـ) فقلّده يومئذ السلطان "الغالب بالله" الفتوى ورياسة العلم بمراكش وسائر أقطار المغرب، وجعل له كرسياً للدرس في قصره كان يحضره السلطان وسائر الأمراء، فانتفع الناس بعلومه، لقي المشايخ الأكابر وأخذ عنهم، مات "بفاس" (سنة ٩٨٣هـ). (ابن عسكر- دوحة الناشر: ١١٦ - ١١٧).
٣ - "فلك السعادة الدائر بفضل الجهاد والشهادة"" لعبد الهادي بن عبد الله بن علي بن طاهر الحسني السجلماسي، فاضل من أهل المغرب، قرأ "بفاس" وغيرها. وكان من ألمع رجال "مدغرة"، ورث العلم والصلاح عن والده وأجداده الكرام واشتهر باطلاعه على السيرة النبويّة. وكتابه هذا قال عنه محمد بن عبد العزيز الدباغ: (في الجهاد، جمع فيه فأوعى وضمنه كل ما يتعلّق بهذا الموضوع من آيات وأحاديث بناه على طريقة المحدثين، وذكر في مقدمته أنه كان مطولاً ثم اختصره، وأنه بوّبه على اثني عشر باباً، كما هي بروج الفلك، وأنه فصله على ثمانية وعشرين فصلاً على عدد المنازل. وكان كتابه محبوباً متداولاً ونافعاً مفيداً، وقد حبس المولى عبد الله نسخة منه على خزانة القرويين في شهر رجب من عام ستة وخمسين ومائة وألف وهي نسخة مكتوبة بخط مغربي جميل واضح رقمها الترتيبي (٢٦٤) وتشتمل على مائة وخمس وستين ورقة).
(الزركلي- الأعلام: ٤/ ٢٧٣، الدباغ- دراسة حول كتاب، فلك السعادة".
أنظر: "دعوة الحق" العدد: ٢٤٦، الصفحات: ١٥٢ - ١٦٠، لسنة ١٤٠٥هـ/ ١٩٨٥م)

<<  <   >  >>