ثم البيكار إن كان حديداً فيجب أن يكون خفيف البدن رقيق الساقين لتدق خطوطه، وإن كان خشباً فيجب أن يكون مثل ذلك. ويكون صحيح المسمار وتمتحن صحته أن يفتح قليلاً ثم يغلق فإن هو انطبق ولم يتغير فهو صحيح. ويجب أن يستعمل في رأسه الواحد قرص لشد القلم. والبيكار لاستخراج الشموس وهي الدوائر المنقوشة التي تقع في وسط الكتاب، وسنذكر صفته وصفة العمل به في موضعه.
ثم الحديد الذي للنقش وهو الختم، ثم اللوزة، والصدر ويسمى صدر الباز والخالدي، والنقطة المدورة والصقال، فهذا يسمى دست، ثم الصقال الدقيق والمنقاش. والمناقيش مختلفة فمنها شيء بعد شيء، ثم نقط النقش وذلك أن يكون منها ما سنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.
هذه جملة الآلات على تمامها وبالله التوفيق.
والذي يحتاج إليه ملتمس هذه الصناعة سرعة الفهم وجودة النظر وحدته وخفة اليد وترك السرعة والتثبت والتأني وحسن الجلوس وملاحة الاستمالة وحسن الخلق.
وأول ما تبدأ به من هذه الصناعة أن تضع الجزء بحذاك على البلاطة، تضعه على شمالك ثم تشيل أول كراسة فتجعلها في يدك اليسرى وتفتحها بإصبع يدك اليمنى، ثم تضعها على البلاطة المفتوحة، ثم تمر عليها بالنصاب وهو وسطها بموضع يقع فيه خرم الخيط، ثم تطبقها وترفع عليها ورق البطاين وهي ورقتان، فورقة تكون في الجلد وأخرى تكون باقية على الكراريس لتصون الكتاب من الأذى والوسخ. ثم تفعل ذلك بسائر الكراريس حتى تأتي على آخرها. فإذا فرغت من ذلك فتلت خيطاً للخرم ويكون على طاقات على قدر رقة الخيط وغلظه. والأجود أن يكون الخيط رقيقاً جيد الفتل لأنه إذا كان غليظاً أفسد الجزء، ولأنه يدور في كل كراسة فيصير له جرْم فإذا غلظ وشددت الكتاب وقعت المعصرة على طرف الخيط ويبقى الكتاب مسبباً لا يقع عليه شد، ومثاله إذا أخذت خيطاً ولفيته على إصبعك إلى آخره، فكذلك ثخانته في الكتاب في داخله.
والحبك أنواع فمنه في موضعين، وغيره يعمل بإبرتين وثلاثة، ورأيت للروم شيئاً منه. فإذا خرمت الجزء فشده بخيط، ثم دق الموضع المخروم بالنصاب الذي قد تقدمت صفته، ثم ضعه بين ركبتيك وخذ فردة المعصرة فضعها على ركبتك الشمال، ثم خذ الفردة الأخرى
وضعها على ركبتك اليمنى والكتاب في وسط بين ركبتيك، ثم خط طرف الخيط فضعه في يدك اليسرى وأدرعه في المعصرة حتى تفرغ، ثم اعقد طرفيه ثم أنزله من ببين ركبتيك وهو في المعصرة وضعه على البلاطة - أعني أسفل الكتاب - ثم دق أطراف الورق بالنصاب حتى يعتدل كل وتصير أطرافه ووسطه شيئاً واحداً، ثم تشيله على ركبتيك ثم تأخذ العودين اللذين يسميان الموازين فتشدهما شداً خفيفاً لا