(وَمَا) يعني والذي، صِيغَ يعني أُخذ، اشتُق، مِنَ الْفِعْلِ، مِنَ الْفِعْلِ، هل الفعل أصل في الاشتقاق؟ مَا صِيغَ يعني: ما اشتق من الفعل، هل ظاهر العبارة مراد مَا صِيغَ مِنَ الْفِعْلِ يعني ما اشتق؟ نقول: قام صيغ من القيام، وأكل صيغ من الأكل، يعني: أخذ من المصدر، وهذا الذي ذهب إليه الناظم: وَكَوْنُهُ أَصْلاً لِهذَيْنِ انْتُخِبْ. إذا عُلِم ذلك فحينئذٍ إذا جاءت مثل هذه العبارات، لا نقول: وظاهر كلام الناظم أن ما صيغ من الفعل مشتق من الفعل، لا، وإنما نقدر له مضافاً يناسب مذهبه، مَا صِيغَ مِنَ الْفِعْلِ من مادة الفعل، ومادة الفعل تدل على المصدر كما سبق، فلا بد من التقدير، ما صيغ من مادة الفعل العامل فيه كمرمى من مادة رمى، مرمى ليس مشتقاً من رمى؛ لأن رمى فعل، ومرمى اسم مكان، فحينئذٍ لا يشتق من الفعل، وإنما يشتق من المصدر، فإذا كان كذلك فلا بد من التأويل، ولا نقول: ظاهره أنه مشتق من الفعل، وهو خلاف الصواب، بل نقول: ظاهر كلام الناظم يوافق ما اختاره سابقاً: وَكَوْنُهُ أَصْلاً لِهذَيْنِ انْتُخِبْ، والأحكام تؤخذ من مظانها، هذه قاعدة حتى في الشرع، إذا اشتبه أمر، حكم بحكم، وعندنا ما فصَّل الحكم في محله، فحينئذٍ إذا التبس واحتمل يكون ما سيق لبيان الأحكام الشرعية في محله في مظانه مقدماً على غيره، إذا جاء حكم شرعي حديث كامل يتحدث عن بيع العينة مثلاً، وجاء حديث آخر في فضائل أو في أحكام أخرى، وفيه إشارة محتملة إلى ما يخالف الآخر، لا نقول: هذا يعارض ذاك، بل نقول: ذاك مقدم، الخالص الذي سيق في محله مقدم على ما هو محتمل، وهذا له أمثلة كثيرة.
إذاً: وَمَا صِيغَ مِنَ الْفِعْلِ يعني من مادة الفعل، كَمَرْمَى مِنْ رَمَى، يعني: من مادة رمى، ومرمى هذا اسم مكان على وزن مَفعَل، وَمَا صِيغَ مِنَ الْفِعْلِ كَمَرْمَى مِنْ رَمَى، قال: وأما ما صيغ من المصدر نحو مجلس زيد ومقعده، فشرط نصبه قياساً أن يكون عامله من لفظه، لا بد أن يتفقا: