أَذْهَبُ: هذا هو عامل الحال، فَرْدَاً: هذا حال، في تأويل منفرداً، صاحب الحال هو الضمير المستتر في قوله: أذهب .. أنا، أذهب منفرداً، وهو وصف من حيث المعنى، وفضلة لأنه ليس بعمدة .. ليس بركن في الإسناد، وهو منتصب، كذلك واجب الانتصاب، ومفهم في حال مبين للهيئة، أذهب، كيف تذهب؟ منفرداً معك أحد .. الخ؟
حينئذٍ نقول: مُنْفَرِداً، هذا بين هيئة صاحب الحال من كونه يذهب على جهة معينة. قال: خرج بقوله: فَضْلَةٌ الوصف الواقع عمدة، زيد قائم، وبقوله: الدلالة على الهيئة التمييز المشتق؛ قد يقع التمييز مشتقاً، لكن في مسائل معدودة يأتي في محلها، والأصل في التمييز أن يكون نكرة بخلاف الحال، وهذا من الفوارق بينهما كما سيأتي.
"لله دره فارساً", فارساً هذا وصف وهو فضلة، وهو منتصب، لكنه ليس مفهماً للهيئة؛ لأن المراد به التعجب: لله دره فارساً عالماً فصيحاً خطيباً، لله دره خطيباً، المراد هنا ليس الكشف والإيضاح عن الهيئة، وإنما المراد به التعجب، وهذا هو القصد الأولي، قد يقال بأنه فيه كشف هيئة نعم، لكنه ليس بالقصد، وإنما هو بالتبع, فالنظر في الفوارق بين التمييز المشتق والحال والنعت هذه متداخلة، والكل فيها لا بد وأن يكون فيه معنى الكشف والهيئة، لا بد من هذا، لكن المراد في الهيئة أن يكون الأصل .. المجيء بالحال كاشفاً للهيئة، وما عدا ذلك في التمييز المشتق وفي النعت المنصوب حينئذٍ نقول: هو مبين للهيئة، لكن بالتبع لا بالقصد ففرقٌ بين النوعين، "لله دره فارساً" فإنه تمييز لا حال على الصحيح، ولذلك وقع فيه خلاف هل هو تمييز أم لا؟ قيل: حال، إذ لم يقصد به الدلالة على الهيئة، لم يقصد به الدلالة على الهيئة مع أنه دل على هيئة لا بد، لكن دلالته على الهيئة ليست بالقصد الأولي، وإنما هو بالقصد التبعي، يعني: أمر تابع وليس بأصلي. بل التعجب من فروسيته، فهو لبيان المتعجب منه لا لبيان هيئته، وكذلك: رأيت رجلاً راكباً، فإن راكباً لم يسق للدلالة على الهيئة قصداً بل وقع ذلك تبعاً ضمناً، بل لتخصيص الرجل، فقول المصنف: مُفْهِمُ فِي حَالِ هو معنى قوله: للدلالة على الهيئة.
إذاً الوصف جنس يشمل الخبر والنعت والحال، وفضلة مخرج للخبر، ومنتصب مخرج لنعتي المرفوع والمخفوض كجاءني رجل راكب ومررت برجل راكب، ومفهم في حال كذا مخرج للنعت المنصوب كرأيت رجلاً راكباً، فإنه إنما سيق لتقييد المنعوت فحسب، لا علاقة له بالعامل، فهو لا يُفهم في حال كذا بطريق القصد، وإنما يفهمه بطريق اللزوم.
مُسْتَحَقَّا .. مُسْتَحِقَّا يجوز فيه الوجهان كَوْنُهُ: أي الحال، هنا قال: كَوْنُهُ ولم يقل: كونها مراعاة للأفصح؛ لأن الأفصح في إرجاع الضمير إلى لفظ الحال وهو مذكر من حيث اللفظ .. الأفصح أن يرجع إليه بالتذكير مع جواز التأنيث، كونها جائز، لكن الأفصح هنا كَوْنُهُ، رده إلى الأفصح.
وَكَوْنُهُ أي الحال.
مُنْتَقِلاً مُشْتَقَّا: ذكر وصفين للحال لا بد من وجودهما، ولكن الوجود هنا أغلبي، ليس بلازم في كل حال، بل قد تخرج الحال عما ذكره من قيدٍ.