الخامس: أن تكون الحال موصوفةً، نحو قوله تعالى:(قُرآناً عَرَبِيّاً)(فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً)، سَوِيّاً .. عَرَبِيّاً هو الحال، وتسمى هذه الحال الحال الموطئة، الحال الموطئة: هي الاسم الجامد الموصوف بصفةٍ هي الحال على وجه التحقيق، فكأن الاسم الجامد قد وطئ الطريق ومهده لما هو الحال بسبب مجئه قبله، (قُرآناً عَرَبِيّاً)((فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً))، نقول الاسم الجامد الموصوف بصفةٍ هي الحال، أين الاسم الجامد الموصوف .. ؟ بَشَراً وعَرَبِيّاً هما هما الحال، فصارت موطئة لذكر ما بعدها من الصفة، صارت موطئة كأنها ممهدة قُرآناً مهد هذا اللفظ لذكر عَرَبِيّاً، فالمقصود حينئذٍ بالذات هو كونه عَرَبِيّاً، والثاني: كونه سَوِيّاً فبشراً هذا حال موطئة وطأت ما بعدها للذكر.
السادس: أن تكون الحال دالة على عدد، نحو قوله تعالى:(فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) في حال كونها أربعين.
السابع: أن تدل الحال على طورٍ فيه تفصيل، هذا بسراً أطب منه رطباً .. وهذا سيأتي في أفعل التفضيل .. أن تدل الحال على طورٍ فيه تفصيل.
الثامن: أن تكون الحال نوعاً من صاحبها، هذا مالك ذهباً، هذا مالك، مالك هو صاحب الحال، ذهباً هذا نوع منه .. المال ليس كله الذهب، إنما بعضه ذهب، حينئذٍ ذهباً نقول: هذا بعض من المال، أو تكون الحال فرعاً لصاحبه، هذا حديدك خاتماً، خاتم فرع؛ لأن الحديد أعم منه، وكقوله تعالى:(وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً) بُيُوتاً هذا حال وهو جامد، وأعربها الزمخشري حالاً مقدرة، وقيل هذا من دقائقه، أو تكون الحال أصلاً لصاحبها، كقولك: هذا خاتمك حديداً، وكقوله تعالى:(أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) طِيناً نقول هذا حالٌ تبين كونها أصل لصاحبها، (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) طِيناً هذه بينت أصله.
وقد أجمع النحاة على أن المواضع التي ذكرها الناظم الثلاثة والدالة على الترتيب، يجب تأويلها بمشتقٍ، والإجماع هذا فيه نظر؛ لأن ابن هشام يخالف في هذا، يرى أن ما دل على سعرٍ هذا جامد ليس بمشتق، وما عداها .. وهو كون الحال موصوفة ودالة على عدد ودالة على طورٍ فيه تفصيل، أو تكون الحال نوعاً من صاحبها، هذه الأنواع هي التي نوزع فيها .. هل هي جامدةٌ لا يقبل التأويل أصلاً؟ أم أنها جامدةٌ وداخلة فيما سبق؟ من قسم الجامد إلى قسمين جعل الأربع الأولى في الجامد المؤول بالمشتق، وجعل البقية في الجامد الذي ليس مؤولا بمشتق، وابن هشام على هذا، لكنه أخرج من الأربع الأولى مادل على سعر، فجعله في الجامد غير المؤول, فعنده الجامد المؤول بمشتق ثلاثاً فحسب، وينفي كل جامد مؤول مشتق ماعدا الثلاثة وهي: مادل على ترتيب، ودل على مقابضة، وتشبيه، هذه الثلاث عند ابن هاشم: جامد وقابل للتأويل، وما عداه فهو جامد غير مؤول, والجماهير على خلافه أن كل جامد قابل للتأويل.
قال ابن هشام: أكثر هذه الأنواع وقوعاً مسألة التسعير، والمسائل الثلاث الأول التي ذكرها ابن مالك رحمه الله تعالى بعد .. وَيكْثُرُ الْجُمُودُ فِي سِعْرٍ .. وهي الثلاث الذي ذكرناها التي دل على تشبيه أو على مفاعلة أو على ترتيب.