ثم قال: ويُفهَم منه أنها تقع جامدة في مواضع أُخَر بقلة، نعم، وهو كذلك، لأنه قال: وَيكْثُرُ الْجُمُودُ فِي سِعْرٍ، وما عُطَف عليه داخل في الكثرة، هذا إذا جعلنا المناط واحدا، وإذا فصَلنا بين الجملتين لا، صارت الكثرة في ما دلّ على سعر وما عداه لا، وابن هشام يرى أن البيت كله دال على الكثرة، وَيكْثُرُ الْجُمُودُ فِي سِعْرٍ .. وَيكْثُرُ الْجُمُودُ فِي مُبْدِي تَأَوُّلٍ، وما أبدا تأول حينئذٍ يكون مقابضةً ويكون ترتيباً ويكون تشبيهًا وما عداه فهو قليل، ولذلك قال: ويُفهَم منه أنها تقع جامدة في مواضع أُخر بقلة وأنها لا تُؤوّل بالمشتق، كما لا تؤول الواقعة في التسعير؛ يعني لا تُؤول بمشتق، وزعم ابنُه: أن الجميع مُؤوّل بالمشتق؛ يعني يردّ على ابن الناظم لأنه ادّعى أن الجميع مؤوّل بالمشتق. قال ابن هشام: وزعم ابنه أن الجميع مُؤوّل بالمشتق وهو تكلف، وإنما قلنا به في الثلاث الأول: تدلّ على تشبيه أو على مفاعلة أو ترتيب لأن اللفظَ فيها مُراد به غير معناه الحقيقي، فالتأويل فيها واجب، فحينئذٍ المسألة فيها نزاع اختر ما شئت.
الأصلُ في الحال أن تكون نكرة؛ قوله: وَالْحَالُ مبتدأ، أين خبره؟ هل الْحَالُ مُبتدأ ولا خبر له أو له خبر؟ الْحَالُ مبتدأ قطعاً، هل له خبر أو لا؟ الواو الذي يكون مانعاً من الخبرية ما بعدَ المبتدأ؛ لو قال: الحال وإن عرِّفَ قلنا لا؛ لابد أن نُقدّر خبراً قبلَ الواو، لكن هنا سبقَ وَالْحَالُ الواو هنا عاطفة أو استئناف، وَالْحَالُ مبتدأ؛ قيل لا خبرَ له في مثل هذا التركيب، وقيل: الخبر جملة الشرط، وقيل جواب الشرط، وقيل جملتا الجواب والشرط وهو أصح، أربعة أقوال.
إذا قيل:(زيدٌ إن جاء فأكرمه)، زيدٌ: مبتدأ، ثم ما تلاه إلا جملة الشرط: إن جاء فأكرمه، أين الخبر؟ ماذا تصنع؟ جملة الشرط مُركّبة؛ يعني لا تتفك؛ لا ينفصل بعضها عن بعض؛ قيل: هذا لا خبر له، حينئذٍ أُقيمت جملة الشرط مقام الخبر؛ مثل القائم من الزيدان؛ الزيدان هذا فاعل سدّ مسد الخبر. جملة الشرط تسد مسد الخبر في مثل هذا التركيب هذا قول, وقيلَ: زيدٌ إن جاء, (إن جاء) الجملة هذه هي الخبر، وقيل: فأكرمه .. جملة الجواب، وقيل: هما معاً، والصواب: أنهما معاً، هذا الصحيح.