وَالْحَالُ إِنْ عُرِّفَ، إذن الْحَالُ مُبتدأ؛ جملة: إِنْ عُرِّفَ لَفْظاً فَاعْتَقِدْ تنْكِيرَهُ مَعْنًى في محل رفع خبر المبتدأ؛ إِنْ عُرِّفَ يعني دخل عليه التعريف؛ عُرِّفَ: أَلْ حَرْفُ تَعْرِيفٍ، حينئذٍ التعريف هنا إما أن يكون بـ (أل)، وإما أن يكون بالإضافة، لا يتصور إلا هذا أوذاك، (أرسلها العراكَ)(ادخلوا الأولَ فالأولَ)(جاء زيدٌ وحدَه). أرسلها العراك, العراك دخلت عليها (أل)، (جاء زيدٌ وحدَه) أضيف (وحد) إلى الضمير، حينئذٍ صار معرفةً. هل التعريف هنا الذي حصلَ لهذا اللفظ –الحال-؛ هل هو معنوي مؤثّر أم أنه من جهة اللفظ فحسب؟ الثاني، ولذلك قالَ: لَفْظَاً ابن مالك هنا، وَالْحَالُ إِنْ عُرِّفَ لَفْظَاً لا معنى؛ لأنه إذا قيل حال حينئذٍ لزم التنكير، ثم لزومه للتنكير إما يكون لفظاً ومعنى، وإما أن يكون معنى دون لفظ وهو المعرف. إذا دخلت (أل) على الحال حينئذٍ نقول: (أل) هذه زائدة أو اللفظ كله مؤوّل بالنكرة؛ يحتمل هذا ويحتمل ذاك، وإذا دخلت أو كان مضافاً كـ (وحده) حينئذٍ نقول: هذا مؤوّل بالنكرة.
وَالْحَالُ إِنْ عُرِّفَ لَفْظَاً (لَفْظَاً) هذا تمييز؛ يعني في اللفظ دون المعنى، فلو عرف معنىً نقول هذا امتنع كونه حالاً؛ لا يمكن؛ (فَاعْتَقِدْ) الفاء واقعة في جواب الشرط. إذن الاعتقاد هنا محلّه القلب. اعتقد لأن اللفظَ لا يمكن تغييره، إما إن تنطق به مباشرة نكرة، فإن نُطِق به معرفة، وهذا ليس لك أنت؛ يعني إذا جاء في لسان العرب ما هو معرفة في اللفظ حينئذٍ نقول اعتقد أنه في المعنى نكرة، وأما في اللفظ فتنطق به كما هو، فصار اعتقاد التنكير محلّه القلب، وأما اللفظُ فحينئذٍ يبقى على ظاهره، وليس لك أنت أن تبتدئ كلاما تأتي بحال معرفة، وإنما الكلامُ هنا في التخريج لما سُمِع في لسان العرب.
فَاعْتَقِدْ الفاء وقع في جواب الشرط، تنْكِيرَهُ هذا مفعولٌ به، مَعْنىً هذا تمييز.
فَاعْتَقِدْ تنْكِيرَهُ مَعْنًى كَوَحْدَكَ اجْتَهِدْ؛ كقولك:(اجتهد وحدك)، وَحْدَكَ هنا وحد: حال أُضيف إلى الكاف وهو معرفة فاكتسبَ التعريف؛ اجتهد وحدك: أي مُنفرداً؛ فمُنفرداً نقول: هذا حال نكرة دلَّ عليه وحدَك وهو في اللفظ معرفة:
وَالْحَالُ إِنْ عُرِّفَ لَفْظَاً أي في لسان العرب فالإتيان بها معرفةً لفظاً مقصور على السماع، وحقّ الحال أن يكون نكرة؛ لأن المقصود به بيان الهيئة، والأصل كما سبق في الاسم أن يكون نكرة، والتعريف فرعٌ عنه؛ فمتى ما أمكنَ الدلالة على الهيئة بالنكرة لا يجوزُ العدول عن النكرة إلى المعرفة؛ لأن المعرفة نكرة وزيادة؛ فحينئذٍ إذا دلّت النكرة على بيان الهيئة لماذا تعدلُ على ماهو زائدٌ عليه؟ صارت الزيادة على النكرة (أل) أو الإضافة أو العلمية أو الإشارة الخ نقول هذه صارت حشواً؛ لماذا؟ لأنه جِيءَ بها لا في محلّها؛ لأنك قصدتَ بهذه الكلمة بيان هيئة صاحب الحال؛ فإذا حصلَ بالتنكير .. بالنكرة حينئذٍ لا تعدل إلى الفرع. وحقّ الحال أن يكون نكرة؛ لأن المقصود به بيان الهيئة وذلك حاصل بلفظ التنكير فلا حاجة لتعريفه صوناً للفظ عن الزيادة والخروج عن الأصل لغير غرض.