للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذن البيتان هذان في مجيء الحال من المضاف إليه، الأصل فيه المنع، إِلاَّ هذا استثناء، إِذَا اقْتَضَى أي طلب، الْمُضَافُ عَمَلَهْ يعني عمل الحال وهو النصب، أَوْ كَانَ جُزْءَ أو كان المضاف جزء مَالَهُ أُضِيفَا يعني: المضاف جزء من المضاف إليه، مَالَهُ أُضِيفَا، مَالَهُ اللام هنا بمعنى إلى، ما أُضيف إليه، وحينئذٍ صار المضافُ جزءاً من المضاف إليه، أَوْ مِثْلَ جُزْئِهِ وهو ما يصحُّ الاستغناء به عنه، فَلاَ تَحِيفَا أي: لا تمل إلى عن ذلك إلى زيادة عليه أو نقص عنه، لا تزد على هذه الثلاث المسائل ولا تنقص؛ كما نقص أبو حيان. وإنما جاز مجيءُ الحال من المضاف إليه في هذه المسائل الثلاث لوجود الشرط المذكور وهو: اتحاد العامل في صاحب الحال مع الحال، عاملهما واحد، في المسألة الأولى واضح، قيامُ زيدٍ مسرعاً، واضح، أما الثاني والثالث ففيها نوع إشكال. أما في الأولى فواضح، وأما في الأخريتين فلأن العامل في الحال عاملٌ في صاحبها حُكماً، العامل في الحال عامل في صاحبها حكماً. إذا كان المضاف إليه والحالةُ هذه في قوّة الساقط لصحة الاستغناء عنه بصاحب الحال وهو المضاف إليه، يعني: في الصورة الثانية والثالثة لما كانَ المضاف جُزءاً من المضاف إليه أو كالجزء صحّ الاستغناء عن المضاف، وإذا صحّ الاستغناء عن المضاف صارَ العاملُ في المضاف إليه هو العامل في المضاف، وإذا كان كذلك صارَ هو العامل في الحال والله أعلم.

إذن: فَلاَ تَحِيفَا هذا مأخوذ من الحيف، فَلاَ تَحِيفَا الألف هذه للإطلاق، وهو تَتميمٌ للبيت، وعلى كل فالمسالة فيها نزاع.

قال ابن عقيل: فإن لم يكن المضاف مما يصحّ أن يعمل في الحال ولا هو جزء من المضاف إليه ولا مثل جُزئه حينئذٍ لم يجز أن يجيء الحال منه، فلا تقل: "جاء غلام هند ضاحكةً"، لا يصحّ، خلافاً للفارسي، وقولُ ابن المصنف رحمه الله تعالى: إن هذه الصورة ممنوعة بلا خلاف ليس بجيد، فإن مذهبَ الفارسي جوازُها كما تقدم، وممن نقله عنه الشريف أبو السعادات ابن الشجري في أماليه.

وَالْحَالُ إِنْ يُنْصَبْ بِفِعْلٍ صُرِّفَا ... أَوْ صِفَةٍ أَشْبَهَتِ الْمُصَرَّفَا

فَجَائِزٌ تَقْدِيْمُهُ كَمُسْرِعَا ... ذَا رَاحِلٌ وَمُخْلِصًا زَيْدٌ دَعَا

هنا الكلامُ في عامل الحال مع اعتبارِ الحال، في السابق: وَسَبْقَ حَالٍ هل يجوزُ أن تتقدّمَ الحال على صاحبها دون العامل؟ والكلامُ الآن في تقدُّمها على العامل؛ هل يجوز أو لا؟

عامل الحال إما أن يكون فعلاً مطلقاً سواءٌ كان متصرفاً أو لا، وقد يكون شِبهَ فعل مطلقاً سواءٌ كان مُتصرّفاً أو لا، أو ما فيه معنى الفعل دون حروفه. هذه ثلاثة أنواع للعامل.

ثم الأول الفعل قد يكون مُتصرّفاً وقد لا يكون، والصفة قد تكون مُتصرّفة، وقد لا تكون، وما كان فيه معنى الفعل دون حروفه هذا فيه تفصيل آتي.

وَالْحَالُ إِنْ يُنْصَبْ بِفِعْلٍ صُرِّفَا ... أَوْ صِفَةٍ أَشْبَهَتِ الْمُصَرَّفَا

فَجائِزٌ تَقْدِيْمُهُ ................