إِنْ كَانَ إن كانَ المضاف لا يصحّ إغناؤه عن المضاف إليه، مثل ماذا؟ مِلْءُ الاَرْضِ ذَهَبَا، الاَرْضِ هنا الهمزة مُسهّلة, ملء الاَرْضِ بتحريك اللام .. ذَهَبَا, حذف خبره لملء مبتدأ, وهو مضاف والأرض مضاف إليه, وذهبا التمييز والخبر محذوف؛ يعني لي .. جار ومجرور متعلق بمحذوف.
ومثله: (مَا فِي السَّمَاءِ قَدرُ رَاحَةٍ سَحَاباً)؛ إذ لا يصحّ (ملءُ ذهبٍ)، لا يصحّ أن يقال (ملءُ ذهبٍ) , ملءُ: مضاف إلى الأرض حينئذٍ يمتنع أن يُضاف التمييز -الذي هو ذهب- إلى ملء الأرض, فلا يُقال ملءُ ذهبٍ, ولا قدرُ سحابٍ، فإن صحّ إغناء المضاف عن المضاف إليه جازَ نصبُ التمييز وجازَ جرّه بالإضافة بعد حذف المضاف إليه.
أشجعُ الناس رجلاً زيد, لو قال: هو أشجعُ رجلٍ؛ يعني إذا حذف المضاف وأُضيف إلى التمييز فصح المعنى، حينئذٍ نقول يجوز فيه الوجهان: أن يبقى على أصله فينصب فيكون جائز النصب, ويحتمل أنه واجب النصب.
إذن: جائزُ النصب مع جرّه بعد حذف المضاف إليه، إذا قيل زيد أشجع الناس رجلاً، حينئذٍ نقول أشجع رجل يجوز أو لا يجوز؟ يجوز؛ لماذا؟ لأنه صح أن نستغني بالتمييز عن المضاف إليه, لكن (ملءُ ذهبٍ) هذا لا يصحّ، قدرُ سحابٍ نقول لا يصح، حينئذٍ يمتنع.
وَالنَّصْبُ بَعْدَ مَا أُضِيفَ وَجَبَا ... إِنْ كَانَ مِثْلَ مِلْءُ الاَرْضِ ذَهَبَا
يعني: أن المميَّز إذا أُضيف وجبَ نصبُ التمييز، ومنه قولُه: إِنْ كَانَ مِثْلَ .. إلخ, أنه لا يجب نصبُه إلا إذا كان كالمثال المذكور وهو إن كان المضاف لا يصحّ إغناؤه عن المضاف إليه.
قال: فإن أُضيف الدال على مقدار إلى غير التمييز وجب نصبُ التمييز نحو: ما في السماء قدر راحة سحاباً, وهذا مُقيّد بأنه إذا لم يصحّ إغناء المضاف إليه عنه، ومنه قوله تعالى ((فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا)) [آل عمران:٩١] فلا يُقال: ملءُ ذهبٍ, لكن المثال الذي ذكرناه سابقاً يصح.
وَالْفَاعِلَ الْمَعْنَى انْصِبَنْ بِأَفْعَلاَ ... مُفَضِّلاً كَأَنْتَ أَعْلَى مَنْزِلاَ
هذا البيت خاص بأفعل التفضيل .. تمييز أفعل التفضيل، الاسمُ النكرة إذا وقعَ بعد أفعل التفضيل وكان فاعلاً في المعنى وجب نصبُهُ على التمييز هذا مرادُه, الاسمُ النكرة إذا وقعَ بعد أفعل التفضيل وكان فاعلاً في المعنى وجب نصبه على التمييز.
وَالْفَاعِلَ الْمَعْنَى انْصبَنْ انصبن الفاعل المعنى، الْفَاعِلَ هذا مفعول به لقوله: انْصبَنْ.