الْمَعْنَى هذا على نزعِ الخافض .. منصوب على نزع الخافض. والفاعل في المعنى لا غيره، من أين أخذنا الفاعل المعنى لا غيره؟ لأنه قدَّمَ ما حقه التأخير فأفاد الحصر. وَالْفَاعِلَ الْمَعْنَى أي: لا غيره. انصبن على التمييز بأفعل التفضيل مُفَضِّلاً هذا حال من فاعل انصبن، انصبن أنت حال كونك مُفضّلاً له على غيره؛ نحو: ماذا؟ مثَّل له بقوله: أَنْتَ أَعْلَى مَنْزِلاً, (منزلاً) هذا لو نظرنا فيه فإذا به فاعل في المعنى؛ يعني لو جعلنا مكان أفعل التفضيل من لفظه فعل، ونظرنا فيما بعده، فإذا به تقول أنت علا منزلُك, إذن: منزلُك هذا الذي نصبناه على أنه تمييز في الأصل هو فاعل في المعنى, كيف نعرفُ أنه فاعل في المعنى؟ نأتي بفعلٍ من لفظ أفعل التفضيل، ثم ننظر في التمييز ما علاقته به؟ فإن كان فاعلاً حيئنذٍ قلنا فاعل في المعنى وإلا فلا؟
أَعْلى هذا فيه ضمير يعودُ على أنت؛ أنت مبتدأ وأعلى هذا خبر, مَنزلاً هذا تمييز, وأعلى هذا فيه ضمير مستترٌ يعود على أنت, وهو بدل الكاف (منزلك) أين ذهبت الكاف؟ نقول استتر في أعلى, ومنزلاً هذا تمييز لأي شيء؟ أَعْلَى أي شيء؟ أَعْلَى مُحتمِل أو لا؟ فيه إبهام فيه إبهام.
إذن: نقول هذا تمييز لأفعل التفضيل, وأنت أكثرُ مالاً؛ حينئذٍ تقول كَثُرَ مالك, إذن صار فاعلاً في المعنى.
قال الشارح: التمييزُ الواقع بعد أفعل التفضيل إن كان فاعلاً في المعنى وجب نصبه, وإن لم يكن كذلك وجبَ جرُّه بالإضافة، والفاعل المعنى هو المتصل بالمعنى في الحقيقة، وهو السبببي، وعلامته أن يصلح للفاعلية عند جعل أفعل فعلاً، وعلامة ما هو فاعل في المعنى أن يصلحَ جعله فاعلاً بعد جعل أفعل التفضيل فعلاً؛ نحو: أنت أعلى منزلاً وأكثر مالاً؛ فـ (منزلاً ومالاً) يجب نصبهما إذ يصح جعلهما فاعلين بعد جعل أفعل التفضيل فعلاً, فتقول: أنت علا منزلُك, وكثر مالُك, أعلى منزلاً؛ منزلك كان فاعلاً ثم نُقل وجُعِل تمييزاً ثم المضاف إليه منزلك الكاف استترَ في الفعل وصار فاعلاً, ومثالُ ما ليس بفاعل في المعنى (زيد أفضل رجل) , و (هند أفضل امرأة) , لو جئتَ بفعل زيد يفضُلُ رجل؛ ما يأتي هنا فاعل في المعنى, وكذلك هند تفضُلُ امرأة؛ نقول: ليس هذا بفاعل في المعنى.