للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أُجيب: بأنهما حينئذٍ ليسا حرفا جرّ باتفاق, والكلامُ فيما كانا جارّين, ومنهم من يرى أنهما حينئذٍ داخلان على زمان مُقدّر مُضاف للجملة، وعليه فلا إشكال, إذا قيل إذا دخلت على الجملة الفعلية حينئذٍ ثَم ظرف مُقدّر؛ يعني بين مذ ومنذُ وبين الجملة الفعلية؛ حينئذٍ لا إشكال لأنه صارَ مضافاً إلى الوقت, لكن هذا ليس بمشروع.

وَاخْصُصْ بِمُذْ وَمُنْذُ وَقْتاً وَبِرُبْ مُنكَّراً يعني رب لا تدخل إلا على الاسم النكرة, ولا تدخلُ على الضمير، ولا تدخل على المعرف بأل؛ لا يقال رب الرجل, وإنما هي خاصّة بالنكرات, ولذلك جُعلت علامة على النكرة.

فَكُلُّ مَا رُبَّ عَلَيْهِ تَدْخُلُ ... فَإِنَّهُ مُنَكَّرٌ يََا رَجُلُ

إذن: لا تدخل على المعرفة.

وَالتَّاءُ التي هي تاء القسم لله ((تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ)) [الأنبياء:٥٧] لا تدخل على غير لفظ الجلالة في الغالب, وسُمع ترب الكعبة, وسُمع تالرحمن, وحُكي تحياتك. حينئذٍ نقول: هذه الثلاثة ليست مطردة كالأول، ولذلك جاء في القرآن في غير موضع ((تَاللَّهِ)) [يوسف:٧٣] حينئذٍ لا يدخل التاء .. تاء القسم إلا على لفظ الجلالة, لا يُقال تالرحمن ولا يقال تالرؤف تالرحيم إلى آخره, وإنما يُقال تالله، لماذا؟ لأن هذه الأصل فيها كلها السماع, حروف الجر ومدخولاتها ومعانيها ليست من قبيل الاستنباط؛ فما استعمله العرب حينئذٍ نقول نستعمله, وما لا يستعمله حينئذٍ لا نقول، هذا الأصل فيها، والأصل فيها عدمُ التعليلين؛ إذا خُصّ لفظ بلفظ فهو كما هو.

وَالتَّاءُ للهِ وَرَبْ يعني مُضافاً للكعبة, أو لـ (ياء) المتكلم على نَزرٍ ((وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ)) [الأنبياء:٥٧] وتربي الكعبة, وتربي مجرور به الياء لأفعلن، ونَدرَ تالرحمن، وأندرُ منه تحياتك, تحياتك نقول هذا أنذر من تالرحمن.

إذن: وَالتَّاءُ للهِ وَرَبْ يعني لفظ رب فهي خاصة بهذه الألفاظ.

وَاخْصُصْ بِمُذْ وَمُنْذُ وَقْتاً اخصُص هذا فعل أمر، بمذ ومنذُ بمذ متعلق به, وقتاً هذا مفعول به.

وَبِرُبْ مُنكَّراً منكراً هذا معطوف على وقتاً, وبرب معطوف على بمذ, والتاء هذا مُبتدأ, لله هذا خبر, ورب هذا معطوف على لله.

وَمَا رَوَوْا مِنْ نَحْوِ رُبَّهُ فَتَى نَزْرٌ وما رووا يعني روى العرب أو النحاة, وما رووا يعني النحاة، (ما) اسم موصول بمعنى الذي مبتدأ, رووه حذفَ الضمير هنا للعلم به.

وَمَا رَوَوْا مِنْ نَحْوِ رُبَّهُ فَتَى هذا مُخالف لما سبقَ، لأنه قال: وَبِرُبْ مُنكَّراً, إذن: هو خاص بالاسم الظاهر، بِالظّاهِرِ اخْصُصْ .. قال ورب ثم سُمِع رُبَّهُ فَتَى، دخلت رب على الضمير؛ إما أن يقال بأنه نزر قليل؛ يعني يحفظ ولا يُقاس عليه, وإما أن يقال بأنه شاذ، وعليه -على القولين- لا يُقاس عليه؛ يعني لا يأتي مُستعمِل لـ (رب) ثم يدخلها على الضمير في الاستعمال, وإنما التوجيه يكون لما سُمع ونُقل في كلام العرب, إذا رأيتَ بيتاً مثلاً أو حُكي قولٌ لقدماء العرب (ربه) جاء بالهاء تقول هذا شاذ, أو أنه قليل في استعماله, وأما في الاستعمال الجديد فلا يُستعمل.