للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذن: (ربه فتى) اختُلف في الضمير هل هو نكرة أم لا؟ وهذا ما يُسمى بعود الضمير على واجب التنكير أو جائز التنكير, واجب التنكير كالذي معنا هذا، لأن فتى هذا مميز الضمير، وهو واجب أن يكون نكرة لأن التمييز نكرة كما سبق معنا, اِسمٌ بِمَعْنَى مِنْ مُبِينٌ نَكِرَهْ، وإذا عاد إلى جائز التنكير؟ هذا أيضاً فيه خلاف, والمشهور أنه معرفة، لو قال جاءني رجل وضربته, ضربته الضمير يعود إلى رجل؛ نكرة أو معرفة؟ نكرة، إذن الضمير العائد على نكرة هل هو معرفة أو لا؟ هذا فيه نزاع, لكن يُقال هنا: تنكير الفاعل في هذا التركيب هل هو واجب أم جائز؟ هل هو واجب .. يجب أن كل فاعل أن يكون نكرة أم جائز؛ قد يكون نكرة وقد يكون معرفة؟ الثاني.

إذن: ما كان مرجعه جائز التنكير لا واجب التنكير قيل معرفة، وإذا كان مرجعه واجب التنكير كمرجع (ربه فتى) هنا حينئذٍ نقول هذا نكرة, وهذا تفصيل جيد.

كَذَا كَهَا أي قد جرّت الكافُ ضميرَ الغيبة قليلاً؛ كما جرته رب، وَنَحْوُهُ أَتَى, سيأتينا هذا.

قال من حروف الجر ما لا يجرّ إلا الظاهر، وهي هذه السبعة المذكورة في البيت الأول, فلا تقل منذُه ومذه؛ لا هذا ولا ذاك, وكذا الباقي, ولا تجرّ منذُ ومذ من الأسماء الظاهرة إلا أسماء الزمان؛ يعني لا يكون مدخولها كل اسم ظاهر، بل هو ظاهر مخصوص؛ يعني إذا قيل بِالظّاهِرِ اخْصُصْ مُنْذُ مُذْ؛ نقول هذا ليس كل ظاهر بل هو خاص بالزمن أسماء الزمان.

وأما قولهم ما رأيته منذُ أنّ الله خلقه، وتقديره منذُ زمن أن الله خلقه، لأن أن هذه في تأويل مصدر مضاف إلى اسم زمان؛ منذُ أن الله خلقه يعني منذُ زمن خلق الله إياه هذا التقدير، وهذا على رواية فتح الهمزة لأن هذا منقول عن العرب.

أما على رواية الكسر فمنذُ اسم كما سيأتي بدخولها على الجملة, ويُشترط في مجرورها مع كونه وقتاً اسم زمان أن يكون مُعيناً لا مبهماً، ليس كل زمن كذلك هذا تخصيص بعد تخصيص، ليس كل اسم زمان بل لا بد أن يكون مُعيناً لا مبهماً؛ ماضياً أو حاضراً لا مستقبلاً، هذا تخصيص كذلك بعد تخصيص, فلا يصحُّ ما رأيته مذ يوم، يوم هذا مبهم غير معين، لا بد أن يقول مذ يومنا أو مذ يوم الجمعة مثلاً لا بد من تخصيصه, وأما هكذا مبهم فلا يصح، ولا أراه مُذ غداً, هذا في المستقبل وهي لا تجرّ إلا الماضي أو الحاضر أما المستقبل فلا, وكذا في مرفوعهما كما سيأتي.

ويُشترط أيضاً أن يكون متصرفاً فلا يجوز منذُ سحراً؛ تريد سحر يومٍ بعينه.

ويُشترَط في عاملهما أن يكون فعلاًً ماضياً منفياً (ما رأيته منذُ يوم الجمعة) أو مُتطاولاً نحو (سرتُ منذُ يوم الخميس) ولا يجوز (قتلتُه منذُ يوم الخميس) , سرت منذُ يوم الخميس فتسير أسبوعاً كاملاً لا إشكال فيه, فصار الفعل والحدث متطاولاً. أما قتلته منذُ يوم الخميس هذا بعيد، وأنت يوم السبت مثلاً تقتل فيه منذُ يوم الخميس، لا، حينئذٍ أن يكون العامل ماضياً منفياً، أو متطاولاً، يعني زمنه طويل، تقول: سرت منذُ أسبوع هذا لا إشكال فيه السير قد يأخذ هذا الوقت, أما قتلته هذا لا يصح.