للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن كان الزمان حاضراً كانت بمعنى في (ما رأيته منذُ يومنا) تُفسّر حينئذٍ منذُ بفي أي في يومنا, وإن كان الزمان ماضياً كان في معنى (من)، ما رأيته منذُ يوم الجمعة أي من يوم الجمعة, وسيذكر المصنف في آخر الباب.

وأما حتى فسيأتي الكلام على مجرورها، وقد شذّ جرها للضمير:

فَلاَ وَاللهِ لا يُلْفَى أُناسٌ ... فتًى حتّاكَ يَابْنَ أَبي زِيَادِ

نقول هذا شاذ يُحفظ ولا يُقاس عليه, خلافاً لبعضهم, ولغة هذيل إبدال حائها عيناً, وقرأ ابن مسعود (فتربصوا به عتى حين).

وأما الواو فمختصة بالقسم وكذلك التاء، ولا يجوز ذكر فعل القسم معها ولا تستعمل الواو في قسم السوال, والله أخبرني هذا لا يصح، وإنما الباء هي التي تستعمل في قسم السؤال, بالله أخبرني والله أخبرني، غلط هذا، بخلاف الباء فيجوز بالله أخبرني، فلا تقل (أقسم والله) ولا (أقسم تالله) ولا تجر التاء إلا لفظ الله, وهذا هو الأكثر فيها (تَاللهِ لأَفعلنَّ)، وقد سُمع جرها لرب مضافا إلى الكعبة قالوا (ترب الكعبة) , وهذا معنى قوله وَالتَّاءُ للهِ وَرَبْ، وهنا سوى بينهما الناظم لكن الترتيب قد يكون مقصوده، يعني سوّى بين الله ورب بالواو قد يُفهم منه أن دخول التاء على لفظ الجلالة كدخولها على رب, وليس هذا مُرادا حينئذٍ نقول أخّر رب هذا مقصود للناظم.

وَالتَّاءُ للهِ وَرَبْ وسُمع أيضا تالرحمن، وكذلك قيل تحياتك وهذا غريب، ولا تجرّ رب إلا نكرة نحو رب رجل عالمٍ لقيت, وقيل نكرة موصوفة أيضاً رب رجل عالمٍ، ثم يجوزُ في عالم هذا وجهان أن يُراعى مدخول رب الأصلي إن كان مبتدأ فيرفع أو مفعولاً به حينئذٍ يُنصب, وهذا معنى قوله: وَبِرُبْ مُنكَّراً، واخصص برب النكرة، فلا يجوز رب الرجل، وقد شذّ جرها ضمير الغيبة هذا شاذ واهٍ.

رأيت وشيكاً الصدع أعظمه ... وربه عطفاً أنقظت من عَطبِ

نقول هذا شاذ, كما شذّ جرّ الكاف له يعني ضمير الغيبة.

خَلِّي الذُّنَابَاتِ شِمَالاً كَثَبا ... وَأمَّ أَوْ عَالٍ كَهَا أَوْ أَقْرَبَا

كهاء دخلت على الضمير، نقول هذا شاذ يحفظ ولا يقاس عليه.

وقوله:

ولا ترى بعلاً ولا حلائل ... كهو ولا كهن إلا حاضراً

ومنه:

فلَوْلا السَّلامة كُنًا كَهُم ... وَلوْلا البَلاء لكانوا كَنَا

لا تَلُمْنِي فإنني كك فيها ... إننا في الملام مشتركان

إذن دخولُ الكاف على الضمير مطلقاً سواء كان ضمير غيبة أو ضمير خطاب أو ضمير متكلم نقول هذا كله يحفظ ولا يُقاس عليه, وإن اختلفوا في الكثرة؛ أيهما أكثر من الآخر؟ وهذا معنى قوله: وَمَا رَوَوْا .. البيت, والذي رُوي من جرّ رب المضمر نحو ربه فتى قليل، وكذلك جر الكاف المضمر نحو كها.