وَقَدْ تَأْتِي لِبَدْءِ الأَزْمِنَةْ، وهذا مختلف فيه, أكثرُ البصريين على المنع أن (من) إذا جاءت لابتداء الغاية فهي مكانية فحسب, وأما الزمان فيُمنع, أكثر البصريين على هذا, وهذا مختلف فيه, ومذهبُ الكوفيين والأخفش أنها تكون لابتداء الغاية مطلقاً.
إذن: الناظم هنا وافقَ الكوفيين، وهو اختيار الناظم.
قال في شرح الكافية: وهو الصحيحُ لصحة السماع بذلك, إذن: الصحيح أن (من) تأتي لابتداء الغاية المكانية كثيراً والزمانية قليلاً, ولذلك قال: وقد تأتي .. و (قد) هذه للتقليل, تأتي يعني (من) لبدء الغاية في الأزمنة أيضاً كما جاءت في الأمكنة.
ومثالُه قوله: ((لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ)) [التوبة:١٠٨] أَوَّلِ يَوْمٍ, نقول: أول هذه أُضيفت إلى اسم زمان، فصارت ظرف زمان, حينئذٍ دخلت عليها من ((مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ)) [التوبة:١٠٨].
بَعِّضْ وَبَيِّن وابْتَدِئْ فِي الأَمْكِنَةْ بِمَنْ, بمن هذا جار ومجرور تنازعه فيه العوامل الثلاثة السابقة, بعِّض بمن, بيِّن بمن, وابتدئ بمن, حينئذٍ نقول: أعمل الأخير وحذف من الأول والثاني.
وَزِيدَ هذا رد الضمير هنا بالمفرد باعتبار الحرف لا باعتبار الكلمة؛ لأنه قد يقال وزيدت يعني (من) باعتبار كونها كلمة, وزِيدَ يعني الحرف باعتبار كونه حرفاً فهو مذكّر.
وَزِيدَ فِي نَفيٍ وَشِبْهِهِ فَجَرْ ... نَكِرَةً كَمَا لِبَاغٍ مِنْ مَفَرْ
هذا يحتاج إلى وقوف.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... !!!