للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لَقُلْتُ لَبَّيْهِ لِمَنْ يَدْعُونِى, (لبيه) أضافه إلى الضمير .. ضمير الغيبة, نقول: هذا شاذ, وهذه كلها ما عدا (وحدَ)، (وحدَ) نُعرِبها حالاً، لبيك ودواليك وسعديك وحنانيك وهذاذيك، في كل تركيب نُعرِبها مفعولاً مطلقاً لعامل محذوف وجوباً يفسَّر مِن لفظه إلا في لبيك وسعديك, إنما يفسّر من معناه, والحكم فيها واحد, وهذا مما يجعلها قليلة الاستعمال, فحينئذٍ كلّها: لبيك وسعديك ودواليك وحنانيك وهذاذيك نقول: هذه كلها تُعرَب مفعولاً مطلقاً, والعامل فيه محذوف .. واجب الحذف, يُقدَّر من لفظه إلا لبيك وهذاذيك، هذا يُقدّر من معناه.

وقد أعربَ سيبوبه هذاذيك حالاً وضُعِّف؛ لأن هذاذيك هذا مصدر قلنا مضاف إلى الضمير، إذن: هو معرفة هذه كلّها لبيك وسعديك وحنانيك هذه كلها معارف, حينئذٍ إعرابها حالاً يخرِجُها عن أصلها, فإذا كان كذلك, وأمكنَ إعرابها مفعولاً مطلقاً فهو أولى وجديرٌ بأن لا تُعرَب حالاً؛ لأن الحال لا تكون إلا نكرة, وهذه مصادر معارف, لأنها مُضافة إلى المعرفة.

وحنانيك بمعنى تحنُّناً بعد تحنُّن.

وهذاذيك بذالين مُعجَمتين بمعنى: إسراعاً بعد إسراع.

قال الناظم: وَشَذَّ إِيلاَءُ يَدَىْ لِلَبَّىْ, يدي هذا يُشير به إلى قول الشاعر:

دَعوتُ - لِمَا نابَني - مِسوَراً ... فَلَبَّى فلبَّيْ يَدَيْ مِسْوَرِ

فَلَبَّى الأولى: فعل ماضي، والثانية فلبَّيْ يَدَيْ: مفعول مطلق, والعاملُ فيه محذوف وجوباً، ولبّي مضاف ويدي مضاف إليه, هنا أُضيفت إلى الاسمِ الظاهر, ولذلك قال: شاذٌّ, لأن الأصل فيها أن تُضاف إلى الضمير, فإذا أُضيفت إلى الاسم الظاهر وقد امتنعَ إضافتها إلى الاسم الظاهر حينئذٍ نقول هذا شاذّ, هذا شاذّ يُحفَظ ولا يُقاس عليه.

وَشَذَّ أي: انفردَ وحكم عليه بالشذوذ فلا يُقاس عليه البتة, وقلَّ ابن مالك أن يحكم في الألفية بشذّ .. قليل هذا, وإنما يقول: نزراً, ندر, قلّ, وأما شاذٌّ معناهُ أنه بلغَ الغاية عنده في البعد، إذا حكم بالشذوذ على كلمة أو حرف أو تركيب هذا دلَّ على أنه لا يحتمل القلة البتة, وإنما يحكم عليه بكونه شاذاً؛ لأن الألفاظ لبيك وسعديك هي قليلة جداً, فإذا خالفت الأصل الذي عليه هذا واضح أنه شاذّ, فيُحفَظ ولا يُقاس عليه, هي الألفاظ من حيث هي إضافتها إلى الضمير المخاطَب هي محفوظة ولا يُقاس عليها, فإذا خرجَت عن الأصل الذي هو عليها حينئذٍ نقولُ هذا شذوذ.

وَشَذَّ إِيلاَءُ يعني: إتباع- يَدَىْ لِلَبَّىْ, قلنا: إيلاء هذا يتعدّى إلى مفعولين.

وهنا قال: لِلَبَّىْ عدّاه باللام, في الأول قال: إِيلاَؤُهُ اسْماً ظَاهِراً, إِيلاَؤُهُ اسْماً, هنا قال إِيلاَءُ يَدَىْ هذا مثل إِيلاَؤُهُ, لِلَبَّىْ هذا مثل اسماً تعدّى إليه باللام, لأنه فرع، والقياس إذا زِيدت اللامُ في معمول العامل الفرعي لا نعترضُ نقول هذا جائز .. يجوزُ فيه الوجهان, إما أنه يُعدّيه باللام لكونه فرعاً مثل: ((فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ)) [هود:١٠٧] وإما أن نقول: بأنه يَحذف اللام ويَنصب, لكن هنا احتاجَ للام حينئذٍ لا اعتراض, فهو على القياس.

فاللام الزائدة في المفعول الثاني للبي تقوية لضعف العامل لكونه فرعاً في العمل.

إذن: