للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكذلك لبيكَ معناه إقامة بعد إقامة كما تقدّمَ وليس المراد الاثنين, وكذا باقي الأخوات على ما تقدّم في تفسيرها.

ومذهب يونس -شيخُ سيبويه- أنه ليسَ بمثنى بل أنه مفردٌ مقصور على وزن (فَعلى)، (لبى)، وأنه مقصور قُلبت ألفُه ياءً مع المضمر كما قُلبت ألفُ (لدى) و (على) مع الضمير, (لبى) إذا أضفتَه قلت: لبيك, إذن أصله (لبى) مفرد, كما تقول (على) (عليه) قُلبت الألف ياء؛ لأنك أضفتَه إلى الضمير.

(لدى) بالقصر إذا أضفته إلى الضمير قَلبتَ الألف ياءً قلت (لديه)، قال: (لبى .. لبيك). إذن: قُلبت الألف ياءً لأنه أُضيف إلى الضمير كما قُلبت الألف ياءً في (على) وصار (عليه) , هذا حُجَّتُه .. محتمله؛ نعم محتملة، لبيك هذا محتمل, لكن نرده بـ (لبَّيْ يَدَيْ مسِوَرِ) –بالشاذ، بالشاذ السابق-, ولذلك بعض النحاة عندهم غرام بالشذوذات هذه؛ لأنها تفضحُ الأصول, حينئذٍ لما قال: (يَدَيْ مسِوَرِ) قلب الألف ياءً، على كلام يونس أن الألف قلبها ياء, والألف تقلب ياء مع الضمير أو مع الاسم الظاهر؟ مع الضمير لا مع الاسم الظاهر, فدلَّ على أن أصله ليس ألفاً, بل هي ياء.

هنا نقول: قال يونس: أنه ليسَ بمثنى، لبيك ليسَ بمثنى، فمن أين جاءت هذه الياء؟ قال: هذه أصلُها ألف, أصلها (لبى) مثل (فتى) مقصور على وزن فعلى, الألف لماذا قُلبت ياء؟ قال: مثل ألف (على) تُقلب ياءً إذا جَرّت الضمير, فتقول: عليه, و (لدى) تقول: (لديه)، إذن قُلبت الألف ياء, كذلك (لبى) لما أُضيفت إلى الضمير قُلبت الألف ياء, وإلا فهو مفرد, هذا نرده بأن الياء موجودة مع غير الضمير, وإنما تُقلب الألفُ ياءً مع الضمير, وهنا قال (يَدَيْ مسِوَرِ) ولذلك (لبى) الأولى نقول هذه فعل ماضي، بالألف لبى مثل عصى, و (لبى) الثانية .. (لبي) فلبَّيْ يَدَيْ مسِوَرِ؛ لبي نقول مفعول مطلق منصوب بالياء؛ لأنه مُلحق بالمثنى, وهو مضاف ويدي مضاف إليه, ويدي مضاف مجرور بالياء, ومسور مضاف إليه.

هنا يدي .. (لبي يدي) لبي بالياء, لما أضافها إلى الاسم الظاهر فالياء موجودة دلَّ على أن الياء ليست أصلها الألف .. ليست مقلوبة عن الألف, بل هي ياء المثنى التي تعرب.

قال: وردَّ عليه سيبويه بأنه لو كان الأمر كذلك كما ذُكر لم تنقلب ألفُهُ مع الظاهر ياء؛ لأنها تنقلبُ مع الضمير لا مع الظاهر في البيت الذي سبقَ ذكره، كما لا تنقلب ألفُ (لدى) و (على) مع الظاهر عندما تقول (على زيدٍ) , (لدى زيدٍ) , بقيت الألف لو كان الأمر ذلك كما زعمَ يونس لقال: يدا لبى يدي بقيت الألف كما هي لأنها لا تنقلبُ مع الظاهر, وإنما تنقلبُ مع الضمير.

كذلك كان ينبغي أن يقولَ (لبى زيدٍ) بالألف؛ لكنهم لما أضافوه إلى الظاهر قلبوا الألف ياء فقالوا: فلبي (يَدَيْ مسِوَرِ) , فدلَّ ذلك على أنه مُثنى وليس بمقصور كما زعمَ يونس.

إذن: لبيك نقول: الصواب أنه مثنى, وأن الياء هذه ياء إعراب وليست مُنقلبة عن الألف كما زعمَ يونس, والدليل ما ذكرناه.

وَأَلْزَمُوا إِضَافَةً إِلَى الْجُمَلْ ... حَيْثُ وَإِذْ وَإِنْ يُنَوَّنْ يُحْتَمَلْ

إِفْرَادُ إِذْ وَمَا كَإِذْ مَعْنىً كَإِذْ ... أَضِفْ جَوَازاً نَحْوُ حِينَ جَانُبِذْ