للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال الشارح: مِن اللازم للإضافة ما لا يضاف إلا إلى الجملة وهو (حيث) و (إذ) و (إذا) , ذكر (إذا) وسيذكُرها الناظم لأنها مما اختصَّ بالإضافة إلى الجملة الفعلية, فأما حيثُ فتُضاف إلى الجملة الاسمية (اجلس حيث زيدٌ جالس) , اجلس هذا فعل أمر, حيثٌ: تقول ظرف مكان مبنيّ على الضم مُتعلّق بقوله اجلس، زيدٌ مبتدأ, جالسٌ هذا خبر, والجملة في محلّ خفض مضاف إليه, لأنها ملازمة للإضافة, لا بد أن يكون مضاف ومضاف إليه.

وإلى الجملة الفعلية (اجلس حيث جلس زيد)، كذلك (جلس زيد) تقول الفعل والفاعل جملة في محلّ خفض بإضافة حيث إليها, أو حيث يجلس زيدٌ في الجملة الفعلية "المضارع يعني"، وشذّ إضافتها إلى مفرد كقوله:

أَمَا تَرَى حَيْثُ سُهَيْلٍ طَالِعَا ... نجماً يُضيءُ كالشِّهابِ لاَمِعَا

حَيْثُ سُهَيْلٍ: حيثُ مضاف وسهيلٍ مضاف إليه, وهذا سارَ عليه الكسائي وغيرُه من الكوفيين فجوّزوا إضافة حيث إلى المفرد, والصواب أنه لا يجوزُ إضافة حيثُ إلى المفرد, بل تلزمُ الإضافة إلى الجملة, وهذا شاذّ؛ كما قال الشارح: وشذّ إضافتها إلى مفردٍ؛ لأن حيثُ تضمن معنى الشرط, وإذا كان كذلك حينئذٍ لا بد أن يكون مضافاً إلى الجملة.

وأما إذ فتُضاف إلى الجملة الاسمية كذلك بالشرط السابق -الشرط الاستحساني نحو: (جئتك إذ زيد قائم) , ((وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ)) [الأنفال:٢٦] إذ أنتم قليل, وإلى الجملة الفعلية: جئتُك إذ قامَ زيد, ((وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً)) [الأعراف:٨٦] وقد تكون الجملة كذلك فعلا مضارعا, ((وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا)) [الأنفال:٣٠] لكن مُراداً بها الماضي كما سبق ومعنى هذا المضارع حينئذٍ المضي.

إذن: تُضاف إلى الجملة الاسمية, وتُضاف إلى الجملة الفعلية التي فعلها ماضٍ, وتُضاف إلى الجملة المضارعية حينئذٍ يكون المراد بها من جهة المعنى الماضي؛ لأن إذ للماضي وإذا وقعَ بعدَها الفعل المضارع هذا فيه تناقض؛ فلا بدّ من تأويلِ المضارع على أنه في الزمن الماضي ((وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ)) [البقرة:١٢٧] هذا الأصل.

وهذه الأمثلة الثلاثة اجتمعت في قوله تعالى: ((إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ)) [التوبة:٤٠] إِذْ أَخْرَجَهُ: جملة ماضوية, إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ: اسمية؛ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: جملة مضارعية بمعنى الماضي, ويجوزُ حذف الجملة المضاف إليها ويأتى بالتنوين عوضاً عنها، وهذه قاعدة مُطردة ((وَأَنْتُمْ حينئذٍ تَنظُرُونَ)) [الواقعة:٨٤] وهذا معنى قوله:

وَإِذْ وَإَنْ يُنَوَّنْ يُحْتَمَلْ ... إِفْرَادُ إِذْ: إن يُنوّن إذ .. دخله التنوين يُجَوَّزُ إفراد إذ فتكون مُفردة عن المضاف إليه لكن في اللفظ لا في المعنى.

فـ (إذ) مما يلزم الإضافة معنىً لا لفظاً؛ كيف تلزم الإضافة معنىً؟ يعني لا تنفكّ على المضاف إليه البتة, قد يُحذف نقول: هذا في اللفظ, وأما في المعنى والتقدير نقول: لا؛ لا يحذف، بخلاف حيثُ، حيثُ هذه ملازِمة للمضاف إليه لفظاً ومعنىً، وأما إذ فهذه مُلازِمة للإضافة معنىً دون لفظ.