جُمَلِ الاَفْعَالِ كَـ (هُنْ) إِذَا اعْتَلَى هُن أو هَن: هُنْ هانَ يهونُ, فعل أمر (هان يهون) , يقال: هُن وهِن, أي: كُن مُتواضعاً هيّناً إذا تكبّر غيرُك, فـ (هُن) فعل أمرٍ مِن (هان يهون) ضدّ (الصعب) أي: لِن، وفي المثل: إِذا عَزَّ أَخُوكَ فَهُنْ, فهُن فهِن بضم الهاء وكسرها.
إذن: مما يلزم الإضافةَ إلى الجملة الفعلية على جهة الخصوص (إذا) , ولا تدخل على الجملة الاسمية, فإن تلاها اسمٌ حينئذٍ وجبَ تقدير فعل محذوف كما هو الشأن في ((إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ)) [الانفطار:١].
قال الشارح: أشارَ في هذا البيت إلى ما تقدّمَ ذكرُهُ من أن (إذا) تلزم الإضافة إلى الجملة الفعلية, وحينئذٍ الجملة في موضع جرّ عندَ الجمهور, والعامل فيها جوابها على المشهور, ولا تُضاف إلى الجملة الاسمية خلافاً للأخفش والكوفيين, فلا تقول: أجيئك إذا زيد قائم, هذا لا يصحُّ؛ لأن (إذا) مُضمّنة معنى الشرط, والشرطُ لا يناسبُه الجملة الاسمية البتة, وإنما يناسِبُه الجملة الفعلية لأن الفعل حكمٌ وهو تعليق, والتعليق إنما يكونُ في الأوصاف لا في الذوات, هذا الأصل فيها.
إذا فُهِم الغرضُ من أداة الشرط حينئذٍ تفهمُ أنه لا يصحّ أن يليها ذاتٌ البتة, وإنما يليَها فعل؛ لأنه حُكم, وهو الذي يقبلُ التعليق, فلا تقل: أجيئك إذا زيد قائم, وأما أجيئك إذا زيد قام, فزيدٌ يجبُ أن يكون فاعلاً لفعل محذوف (إذا قام زيد) , وعلى مذهبِ الكوفيين مِن جواز تقديم الفاعل على عامله حينئذٍ (زيد) هذا فاعل مُقدّم, فزيدٌ مرفوع بفعل محذوف وليسَ مرفوعاً على الابتداء، هذا مذهبُ سيبويه، وخالفَه الأخفش فجوَّزَ كونه مبتدأ خبرُه الفعل الذي بعدَه, يعني: جملة اسمية, والفعل يكون خبراً عن المبتدأ, إذا زيد قام, ومثله ما يرِدُ في القرآن كثير ((إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ)) [الانفطار:١] نقول: السماءُ هذا ليسَ مبتدأ على الصحيح, وإنما هو فاعلٌ لفعل محذوف يُفسِّره المذكور.
وزعمَ السيرافي في أنه .. إلى آخر ما ذكره.
إذن: الصحيح أن هذه (إذا) ظرفية ولا يليها إلا الجملة الفعلية ((إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)) [النصر:١] إذا ظرفٌ فيه معنى الشرط مُضاف إلى الجملة بعدَه, والعاملُ فيه جوابه على المشهور, هذا هو الصحيح أن العاملَ فيه .. لأنه ظرفٌ لا بدّ له من عامل فيه, الظرف في محل نصب، ما الذي نصبَه؟ الجواب على المشهور وهو الصحيح.
وأما ((إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ)) [الانشقاق:١] فمثل: ((وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ)) [التوبة:٦] يعني: لا بدّ من تقدير, وأجازَ الأخفش إضافته إلى الجملة الاسمية تمسُّكاً بالظاهر.
والله أعلم وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... !!!